عند التصريف .. عندهم باب يُسَمُّونه: التَّصريف نفسه هذا .. يكنون عنه بالتَّصريف .. باب التَّمارين يُكْنَى عنه بالتَّصريف يقال: ائت بـ: قرأ، على وزن (عُصْفُور) مثلاً، لم يُسْمَع وإنَّما من باب تمرين الطَّالب، لأنَّه سيأتيه قلب وحذف وإعلال .. يُطَبِّق القواعد فيه، هذا يسمى: باب التَّمارين يُعَبَّر عنه بـ: التَّصريف، لكن الشائع عند المتأخرين أنَّ كُلاً منهما بمعنىً واحد، وإن كان التَّصريف فيه زيادة معنى لكثرة التَّقلُّبات .. التَّغيُّرات التي تكون في فن الصَّرف قيل: تصريف لأنَّه (تَفْعِيل) زيادة على الصَّرف، زيدت فيه التَّاء، حينئذٍ إذا زيد حرف دَلَّ على المبالغة.
إذاً: وَمَا سِوَاهُمَا بِتَصْرِيفٍ حَرِي ..
ودخول التَّصريف الأفعال بطريق الأصالة لكثرة تَغَيُّرِها ولظهور الاشتقاق فيها، يعني قوله: (وَمَا سِوَاهُمَا) دخل فيه الأفعال المُتصرِّفة، والأسماء المُتمكِّنَة، هل هما في باب الصَّرف بِمنْزلة واحدة .. أيهما أولى بفن الصَّرف؟ الأفعال؛ لكثرة اشتقاقاتها وتقلُّباتها وتغيُّراتها هي أولى وأحرى، ودخول الصَّرف فيها بالأصالة بِخلاف الأسماء المُتمكِّنَة، لأنَّ الأسماء المُتمكِّنَة إن أُرِيد بها المشتقات فهي أقل من الجوامد، والذي يدخل الأسماء المُتمكِّنَة من الصَّرف هو ما يَتعلَّق بالمشتقات: اسم الفاعل .. اسم المفعول، والصِّفة المشبَّهة، وما سبق من أبواب، في أوزانها، ومعرفة ما يَتعلًّق بها، هذا الذي يكون في باب الأسماء، وهل كل الأسماء تكون مُشتقَّة؟
الجواب: لا، إذاً ما لم يُشْتَقَّ من الأسماء دخول الصَّرف فيه قليل، قد يوجد مثل: ابن، حُذِف: بَنَوٌ و (يَدٌ) لغير عِلَّة إلى آخره، لكنَّه ليس كالمُشْتَقَّات.
الحاصل أنَّ قوله: (وَمَا سِوَاهُمَا) سوَّى بين الأفعال المُتصرِّفة والأسماء المُتمكِّنَة بدخول فنِّ الصَّرف فيهما، والصَّواب أن يُقال: بأنَّ دخول التَّصريف في الأفعال المُتصرِّفة أصالةً، وفي الأسماء تبعاً، ليس استقلالاً، إذ الفعل المُتصرِّف لكثرة ما يعتريه من تَغَيُّرات واشتقاقات هو أولى بهذا الفن بخلاف الاسم المُتمكِّن، ودخول التَّصريف في الأفعال بطريق الأصالة لكثرة تغيُّرها، ولظهور الاشتقاق فيها.
قال الشَّارح هنا: " التَّصريف: عبارةٌ عن عِلمٍ يُبْحَثُ فيه عن أحكام بِنْيَة الكلمة العربية، وما لحروفها من أصالةٍ وزيادةٍ وصحةٍ وإعلالٍ وشبه ذلك ".
قوله: (أحكام بِنْيَة الكلمة العربية) هذا فيه نظر، لأنَّه يشمل الحرف، ويشمل الاسم المُتمكِّن، وهو يريد أن يُحِد .. أن يبيِّن .. أن يُعرِّف، إذاً لا بُدَّ من إخراجه، ولا يكفي أنَّه سيخرجه بما بعده، ولا يَتعلَّق إلا بالأسماء المُتمكِّنَة والأفعال، فأمَّا الحروف وشبهها فلا تَعَلُّق لعلم التَّصريف بها، إذاً: كيف نُدْخِلُها في الحد؟