بشرطه، وأمَّا غير الحجازيين فلا يحذفها، بل منهم من يُثْبِتُها ساكنةً نحو: هذا البَطُءْ، ورأيت البَطَءْ، ومررت بالبَطِءْ، ومنهم من يبدلها بِمُجانِس الحركة المنقولة فيقول: هذا البَطُو، ورأيت البَطَا، ومررت بالبَطِي، يعني: يقلب الهمزة حرف عِلَّة مُجانس للحركة التي نُقِلت منها، إن نَقَل ضمَّة: هذا البَطُو، الطَّاء هنا مضمومة، هذه الضَّمَّة ليست ضَمَّة الطَّاء، وإنَّما ضمَّة الهمزة التي نُقِلَت منها، وحذف الهمزة ثُمَّ أبدل بدل الهمزة واواً من جنس الحركة التي قبلها: بَطُو .. بَطَا .. بِطِي، على كُلٍّ: ثَمَّ خلافٌ طويل عندهم في هذه المسألة.
وشَرَطَ بعضهم شَرْطاً خامساً لجواز النَّقل: وهو كون الحرف المنقول منه صحيحاً، حرف الإعراب الأخير الذي تقف عليه أن يكون صحيحاً، فلا يُنْقَل من: ظَبْيٍ ودَلْوٍ، (ظَبْيٍ) و (دَلْوٍ) هذا ليس بحرف مُعتل مُطلقاً، وإنَّما يُجْرَى مُجْرَى الصحيح، هذا داخلٌ في الصَّحيح عند أكثر النُّحاة، لا يُعَامل معاملة المعتل.
إذاً الخلاصة: أنَّه لا يجوز النَّقل في نحو: هذا جَعْفَرْ، لأنَّ ما قبله مُتَحَرِّك، ولا في نحو: إنسان، غير قابلة للحركة، ولا: يَشُدُّ، فيفك الإدغام .. مضعَّف، و (يقول) و (يبيع) لثِقَل ما قبله وهو الواو والياء، لأنَّ الألف والمُدْغَم لا يقبلان الحركة، والواو المضموم ما قبله والياء المكسور ما قبلها تُسْتَثْقل الحركة عليها، ولا في نحو: سَمِعْت العِلْمَ، هذا على رأي البصريين (سمعت العِلَمْ) هذا فتحة .. لا يراه البصريُّون، لأنَّ الحركة فتحة، وأجاز ذلك الكوفيُّون والأخفش.
ولا في نحو: عِلْمٌ، لأنَّه ليس في العربية (فِعُلْ) بكسر أوَّله وضَمِّ ثانيه، لأنَّك إذا قلت: هذا عِلُمْ (عِلُمْ) صار كسرة ثُمَّ فتحة وهذا لا نظير له، وَيَخْتَصَّان الشَّرطان الأخيران بغير المهموز، كما ذكرناه سابقاً.
قال الشَّارح: "يعني أنَّه متى أَدَّى النَّقل إلى أن تصير الكلمة على بناءٍ غير موجودٍ في كلامهم امتنع ذلك ".
إذا أدَّى النقل إلى الوقوع في بناءٍ ليس في كلام العرب صار النَّقل ممنوعاً، حينئذٍ لا تُنْقَل ضَمَّة إلى مسبوقٍ بكسرة، ولا كسرة إلى مسبوقٍ بضمَّة، لأنَّ العرب لا تنتقل من كسرٍ إلى ضمٍّ ولا بالعكس، فلا يجوز النَّقل في: هذا بِشْرٌ، بالاتفاق. إلا إن كان الآخر همزةً فيجوز، فعلى هذا يمتنع: هَذَا العِلُمْ -كما ذكرناه- في الوقف على (العِلْم)، لأن (فِعُلَاً) مفقودٌ في كلامهم، ويجوز: هذا الرِّدْءُ، لأن الآخر همزة.
فِي الْوَقْفِ تَا تَأْنِيثِ الاِسْمِ هَا جُعِلْ ... إِنْ لَمْ يَكُنْ بِسَاكِنٍ صَحَّ وُصِلْ
وَقَلَّ ذَا فِي جَمْعِ تَصْحِيحٍ وَمَا ... ضَاهَى وَغَيْرُ ذَيْنِ بِالْعَكْسِ انْتَمَى
(تَاء تَأْنِيثِ الاِسْمِ جُعِلْ هَاءً فِي الْوَقْفِ) إذاً: (تَاءُ) هذا مبتدأ وهو مضاف، و (تَأْنِيثِ) مضاف إليه، (تَأْنِيثِ) مضاف و (الاِسْمِ) مضاف إليه، (جُعِلْ هَاءً) جُعِل هو الذي هو تَاءُ التَأْنِيثِ، (هَاءً) هذا مفعول ثاني، والضمير المستتر نائب الفاعل هو مفعول أول، (فِي الْوَقْفِ) جار ومجرور مُتعلِّق بقوله: (جُعِلْ).