(وَحَرَكَاتٍ) هذا مفعول مُقدَّم لقوله: (انْقُلاَ)، (انْقُلاَ) ما إعرابه؟ فعل أمر مبني على الفتح لاتِّصاله بنون التوكيد الخفيفة، (انْقُلاً حَرَكَاتٍ) (حَرَكَاتٍ) هذا مفعول به قَدَّمه للضرورة هنا، الأصل: أنَّه لا يجوز تقديم الفعل المؤكَّد، (وَحَرَكَاتٍ انْقُلاَ) أشار إلى الخامس يعني: أنَّه يجوز نقل حركة الحرف الموقوف عليه إلى ما قبله، وهذا ما يُسَمَّى دائماً معنا بحركة النَّقل، يعني: أنَّه يجوز نقل حركة الحرف الموقوف عليه إلى ما قبله كقراءة بعضهم: ((وَتَوَاصَوْا بِالصَّبِرْ)) [العصر:3] الراء مكسورة .. وقفت عليها ساكنة، ونقلت الحركة إلى الباء: (وَتَوَاصَوْا بِالصَّبِرْ).

وذكر له في هذا البيت شرطين، وسيذكر شرطين آخرين، قال: (لِسَاكِنٍ) يعني: أن يكون ما قبله ساكن، (تَحْرِيكُهُ لَنْ يُحْظَلاَ) تَحْرِيكُهُ لا يمتنع، إذاً: ذكر شرطين في هذا البيت لجواز النقل، (انْقُلاَ لِسَاكِنٍ) (لِسَاكِنٍ) جار ومجرور مُتعلِّق بقوله: (انْقُلاَ)، احترز به من المُتحرِّك، وأمَّا المُتحرِّك فلا يُنْقَل إليه لأنَّه مشغولٌ بحركة، والمشغول لا يُشْغَل. أن يكون ما قبل الآخر ساكناً.

والثاني: أن يكون السَّاكن مِمَّا يقبل الحركة.

وَشَمِل هذا الألف لِتَعَذُّر حركته، لأنَّ الألف ساكنة، هو قال: (لِسَاكِنٍ) لا بُدَّ أن يكون ساكناً، فدخل الألف والواو والياء والمُضعَّف، وهذه كلها يمتنع فيها، حينئذٍ قوله: (تَحْرِيكُهُ) يعني: تحريك هذا السَّاكن (لَنْ يُحْظَلاَ) لا يُجظل .. لا يُمْنَع، ومِمَّا يُمْنَع: أن يكون ألفاً، لأنَّ الألف لا تقبل الحركة، إذاً: دخل في قوله (لِسَاكِنٍ) الألف، أخرجناها بقوله: (لَنْ يُحْظَلاَ) وهذا شرطٌ ثاني.

وَشَمِل الألف لِتَعَذُّر حركته نحو: دار، لو قال: هذه دَارٌ، أراد أن يقف هل يقف بالنقل؟ لا يصح أن يقف بالنَّقل، مع كون الشَّرط الأول موجود وهو أنَّه ساكن، والشَّرط الثاني غير موجود وهو أنَّ هذا الحرف الألف لا يقبل الحركة أصلاً.

والواو والياء، يعني: لو كان السَّاكن واواً أو ياءً، لِثَقل الحركة فيهما، الواو والياء دائماً في الجملة يكون الإعراب فيها مُقدَّراً لِثِقَل الحركة فيهما نحو: قنديل وعصفور، لا يوقف عليه بالنقل .. لا تُنْقَل الحركة إلى الياء، لأنَّ الياء ثقيلة، و (عصفور) كذلك لا تُنْقل الضَّمَّة أو الكسرة إلى ما قبلها، والمضعَّف نحو: جَدَّ، لأنَّك لو نقلت لاستلزم الفك .. فكَّ الإدغام في غير ضرورة .. هذا ممتنع، جَدَّ لو وقفت عليه بنقل الحركة إلى الدَّال الأولى حينئذٍ فَكَّ الإدغام، وهذا ممتنع.

إذاً: هذا لا يقبل الحركة، فالإدغام واجب في مثل: جَدَّ وَمَدَّ وَشَدَّ، فإذا كان كذلك حينئذٍ ما يُؤَدِّي إلى فكِّه ممنوع، ونقل الحركة عند الوقف من الحرف المتأخِّر إلى ما قبله ولو كان ساكناً نقول هنا: حرفٌ صحيح وهو يقبل الحركة لذاته، لكن لَمَّا كان مُدْغَمَاً في مثله حينئذٍ امتنع تحريكه، لأنَّه يستلزم إلى فكِّ الإدغام نحو: الْجِدُّ، لأنَّ نقله يستلزم فكَّه وهو ممتنعٌ في غير الضرورة.

إذاً: الحاصل في قوله:

. . . وَحَرَكَاتٍ انْقُلاَ ... لِسَاكِنٍ تَحْرِيكُهُ لَنْ يُحْظَلاَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015