إذاً: إشارة بالشفتين إلى الحركة حال سكون الحرف، وقيل: الإشارة بالشفتين إلى الحركة بُعَيد الإسكان من غير تصويت، يُسَكِّن ثُمَّ مباشرةً يأتي بصورة الحركة بشفتيه في الضَّمَّة فقط، لأنَّه قال: (أَوْ أَشْمِمِ الضَّمَّةَ) فهو خاصٌّ بالضَّمِّ دون الكسر والفتحة.
من غير تصويتٍ، إذ لو كان تصويتاً يعني: معه صوت، لخرج عن الإشمام، ولذلك قيل: يدركه البصير دون الأعمى، الذي يدركه البصير، هو الذي يعرف أنَّك أشممت، أمَّا الأعمى فما يُدْرِك، لأنَّ الأعمى يدرك بسمعه لا ببصره، وهذا إنَّما يُدْرك بالبصر لا بالسمع، فإن كان مُدْرَكاً بالسَّمع خرج عن كونه إشماماً.
إذاً: (أَوْ أَشْمِم) يعني: أشر بالشفتين إلى الحركة حال سكون الحرف، أو بُعَيْد الإسكان - والثاني هذا الذي اختاره الشَّاطِبِي -.
فُهِم من قوله: (الضَّمَّةَ) لأنَّه قال: (أَوْ أَشْمِمِ الضَّمَّةَ): أنَّه مخصوصٌ بالضَّمَّة، إذاً: احترز به عن الكسرة فلا إشمام، واحترز به عن الفتحة فلا إشمام، إذاً: ذِكْر الضَّمَّة هنا للتَّخصيص، وَفُهِم من قوله (الضَّمَّةَ): أنَّه مخصوصٌ بها، فلا يجوز في الفتحة ولا الكسرة، وقوله: (الضَّمَّةَ) - أطلق النَّاظم هنا - فحينئذٍ يشمل الضَّمَّة إذا كانت حركة إعرابية أو حركة بنائية فالحكم عام.
وقوله: (الضَّمَّةَ) أي: إعرابيةً كانت أو بنائية، وأمَّا غير الضَّمَّة والفتحة والكسرة فلا إشمام فيهما، هذا النَّوع الثالث: (أَوْ أَشْمِمِ الضَّمَّةَ)، (أَوْ) للتَّقسيم والتَّنويع، هذا النَّوع الرَّابع (أَوْ قِفْ مُضَعِفاً) هنا قَيَّد النَّاظم .. ما أطلقه، (قِفْ رَائِمَ التَّحَرُّكِ) أطلق .. (سَكِّنْهُ) أطلق .. (أَوْ أَشْمِم) قَيَّده بالضَّمة ولم يُقَيْده بشرطٍ آخر، أمَّا قوله: (مُضَعِفاً) فقيَّده بثلاثة شروط:
مَا لَيْسَ هَمْزاً أَوْ عَلِيلاً إِنْ قَفَا .. مُحَرَّكاً ..
هذه ثلاثة شروط، يعني: لا يجوز الوقف بالتضعيف، (بالتضعيف) المراد به تُكرِّر الحرف .. تشديد، مثل شدَّ ومدَّ، فتقف عليه بتكراره .. تكرار الحرف .. تُضعِّفه كأنه من باب: شدَّ ومدَّ.
(أَوْ قِفْ) (أَوْ) قلنا: للتَّنويع والتقسيم، (قِفْ) فعل أمر مبني على السُّكون والفاعل ضمير مستتر وجوباً تقديره أنت، (مُضَعِفاً) حال من فاعل (قِفْ)، يعني: أنَّه يجوز الوقف على المُتحرِّك غير التاء -لأنَّه استثنى- بالتضعيف، أي: بتضعيف الحرف الموقوف عليه، كتضعيف الدَّال من: خَالِدَّ، تُضعِّف الدال إذا وقفت عليه مثل: شدَّ .. مَدَّ .. خالدَّ، وهو لغة سعدية، وشروطه ثلاثة كما ذكر النَّاظم على جهة الإجمال، وخمسة على جهة التفصيل، عَدَّها ابن هشام في (التوضيح) خمسة، ولا نحتاج؛ لأنَّ (أَوْ عَلِيلاً) هذا شرطٌ واحد، بدلاً من أن نقول: معتل بالألف ومعتل بالواو ومعتل بالياء، نعدَّها ثلاثة شروط، نقول: ألا يكون آخره حرف عِلَّة، حينئذٍ الشروط ثلاثة، وهذا أجود .. الاختصار مهما أمكن فهو أولى من أجل حفظه، ولذلك نَصَّ النَّاظم عليها.
إذاً:
. . . . . . . . أَوْ قِفْ مُضْعِفَاً ... مَا لَيْسَ هَمْزاً. . . . . . . . .