فإن شابه حينئذٍ نُسب إليه للفظه لا لواحده، (وَالْوَاحِدَ اذْكُرْ) اذكر الواحد .. مفعول به، (اذْكُرْ) هذا فعل أمر، والفاعل ضمير مستتر تقديره: أنت، (نَاسِبَاً) حال .. اذكر الواحد حال كونك ناسباً للجمع، يعني: إذا أردت أن تنسب للجمع فانظر إلى واحده فانسب إليه، يعني: النَّسب يكون للواحد لا للجمع، وهذا المقصود به: ما كان له واحدٌ قياساً عند الجمهور، وعلى رأي ابن مالك في (التسهيل): ولو كان شاذًّا.
قوله: (إِنْ لَمْ يُشَابِهْ) الجمع واحداً مفرداً بالوضع .. (إِنْ لَمْ يُشَابِهْ وَاحِداً)، (يُشَابِهْ) فعل مضارع مجزوم بـ: (لَمْ)، والفاعل يعود إلى الجمع، قوله: (للجمع) هذا مُتعلِّق بـ: (نَاسِبَاً)، (يُشَابِهْ) أي: الجمع، (وَاحِداً) هذا مفعول (يُشَابِهْ) يعني: مفرداً، (بِالْوَضْعِ) هذا مُتعلِّق بقوله: (يُشَابِهْ) والباء بمعنى: في هنا، إن لم يشابه الجمع واحداً يعني: مفرداً في الوضع، يعني: لم يشتبها، فإن اشتبها حينئذٍ فيه التفصيل الذي ذكرناه.
إِنْ لَمْ يُشَابِهْ وَاحِداً بِالْوَضْعِ ..
يعني: في الوضع، يُنْسَب إلى الكلمة الدَّالة على جماعةٍ على لفظها إن أشبهت الواحد بكونها اسم جمعٍ، عرفنا إذا كان جمعاً لا إشكال فيه: فرائض جمع (فريضة)، صُحُف جمع (صحيفة)، لكن مثل اسم الجمع: قوم ورهط، ننسب إليه إلى لفظه: قَوْمِيٌّ .. رَهْطِيٌّ، اسم الجمع ننسب إليه مباشرة، لأنَّه ليس له واحدٌ من لفظه.
أو اسم جنسٍ: شجرة، نقول: شَجَرِي .. ابن الشجري، أو جمع تكسيرٍ لا واحد له نحو: أَبَابِيِلِي، أو جارياً مجرى العلم كـ: أنصاري ونحوه، وأمَّا نحو: كلاب وأنَّمار، هذا فيه خلاف، ونحن أوردناه في القسم الرابع هناك، الصواب: أنَّه داخلٌ فيما أشبه واحداً في الوضع، وابن هشام رحمه الله في (التوضيح) ما يرى ذلك، وأمَّا نحو: كلاب وأنمار علمين فليسا مِمَّا نحن فيه، لأنَّه واحدٌ فالنَّسب إليه على لفظه.
لا .. هو يُرَاعى فيه أنَّه قبل ذلك كان جمعاً، وأمَّا كونه ليس بجمعٍ مطلقاً فيه نظر، لأنَّ (كلاب) هذا منقول .. كان جمعاً ثُمَّ نُقِل، حينئذٍ لا بُدَّ أن يلاحظ فيه معنى الجمعية، وفي غير ذلك يُرَدُّ المُكسَّر إلى مُفرده ثُمَّ يُنْسَب إليه، فتقول في النَّسب إلى (فرائض) و (قبائل) و (حُمْرٍ): فَرَضِي وقَبِلِي وأحمري وحمراوي، (حُمْر) رددته إلى أصله .. حُمْر (فُعْل) هذا يُجمع: أحمر، ومؤنَّثه، أحمر .. حُمْر، حمراء .. حُمْر، تردَّه إلى المفرد، حينئذٍ المفرد إمَّا أن يكون مُذكَّراً، وإمَّا أن يكون مؤنَّثاً، فتقول فيه: أحمري أو: حمراوي، على التفصيل الذي ذكرناه.
قال الشَّارح: "إذا نُسِب إلى جمعٍ باقٍ على جمعيته جِيء بواحده وَنُسِب إليه، كقولك في النَّسب إلى (فرائض): فرضي، هذا إن لم يكن جارياً مَجرى العلم، فإن جرى مجراه كـ: أنصاري، نُسِب إليه على لفظه، فتقول في (أنصار): أَنْصَارِي، وكذا إن كان علماً فتقول في (أَنْمَار): أَنْمَارِي".
وَمَعَ فَاعِلٍ وَفَعَّالٍ فَعِلْ ... فِي نَسَبٍ أَغْنَى عَنِ اليَا فَقُبِلْ