(وَلِثَانٍ) ماذا تقول في: غلام زيد؟ زَيْدِيٌّ، حينئذٍ لو عَمَّمنَا كلام النَّاظم قلنا: فيه شيءٌ زائدٌ على مُجرَّد ما ذكره في الشطر الأول، وإن قلنا: غلام زَيْدٍ، لا يصح النِّسبة إليه البَتَّة، حينئذٍ هل فيه شيءٌ جديد على ما ذكره في الشطر الأول؟ الجواب: لا، إذاً: ليس قسماً برأسه، ولذلك قال الأشْمُونِي: "وعبارته تُوهم أنَّ ما له التعريف بالثاني -يعني: الذي له التعريف بالثاني- قِسْمٌ برأسه فشمل: غلام زيدٍ، وليس كذلك، وهم إنَّما يعنون بالمضاف هنا ما كان علماً أو غالباً" المراد هنا في هذا النِّسبة المركَّب التركيب الإضافي، المراد بالمضاف ليس عامَّاً، وإنَّما المراد به: ما كان علماً أو غالباً، يعني: علماً بالكنية أو علماً بالغَلَبة كـ (ابن عباس): عبَّاسي، (ابن عمر): عُمَرِي، (أبو بكر): بكري، (أم كلثوم): كلثومي، ونحو ذلك، هذا المراد بالمضاف هنا ولا يشمل غيره، وأمَّا: غلام زيد، فلا يدخل هنا، أكثر النُّحاة على ذلك، فإذا أخرجنا نحو: غلام زيد، من قوله:
مَالَهُ التَّعْرِيفُ بِالثَّانِي وَجَبْ ..
حينئذٍ صار الشطر الثاني هو عينه من حيث الإفادة الشطر الأول، لأنَّ الإفادة: (إِضَافَةً مَبْدُوءَةً بِابْنٍ أَوَ ابْ) هذه اكتسبت التعريف، لأنَّ (ابْن) يضاف إلى علم: عمر .. عباس .. الزبير إلى آخره، (أَوَ ابْ) يضاف إلى علم كذلك إمَّا مُذكَّراً أو مُؤنَّثاً، إذاً: اكتسب التعريف، إذاً: حصل تعريفٌ للأول بالثاني، وهذا خاصٌّ بهذين النوعين: ما كان علماً بالكنية، أو علماً بالغَلَبَة.
وما عدى ذلك مِمَّا يَتعرَّف بالمضاف ليس داخلاً هنا، وإذا أطلقوا المضاف في هذا المحل انصرف إلى هذين النوعين، لا مثل: غلام زيد، فإنَّه ليس لمجموعه معنىً مفرد ينسب إليه، بل يجوز أن يُنْسَب إلى: غلام، وإلى: زيد، ويكون ذلك من قبيل النَّسب إلى المفردات لا إلى المضاف، يعني: إذا أردت (غلام زيد) تفك الإضافة .. التركيب، فتنسب إلى: غلام، وتنسب إلى: زيد، حينئذٍ كأنَّك نظرت إلى غلام لوحده فقلت: غُلَامِي، ونظرت إلى زيد، وحده فقلت: زيدي، حينئذٍ النِّسبة هنا لا إلى المركب وإنَّما إلى المفردات، وبحثُنا في النِّسبة إلى المركَّبات فلم يدخل معنا (غلام زيد).
على كُلٍّ قوله:
أَوْ مَالَهُ التَّعْرِيفُ بِالثَّانِي وَجَبْ ..
يعني: ما حصل أو وجب للأول تعريفاً بالثاني، نقول: عمَّم النَّاظم هنا فكان من عطف العام على الخاص، إن كان يرى أنَّ (غلام زيد) يُنْسَب إليه إلى الثاني كقوله في (ابن أو أب) كما مَثَّل ابن عقيل فلا إشكال أنَّ فيه فائدة، وإن لم يكن كذلك حينئذٍ يكون من باب التَّكرار.
فِيمَا سِوَى هَذَا انْسُبَنْ لِلأَوَّلِ ... مَا لَمْ يُخَفْ لَبْسٌ كَعَبْدِ الأَشْهَلِ
(فِيمَا سِوَى هَذَا) المشار إليه ما هو؟ (انْسُبَنْ لِلأَوَّلِ) صَدْر .. جُمْلَة .. صَدْر مَا رُكِّبَ مَزْجَاً؟ هذا لا إشكال، هو الأول، (وَلِثَانٍ) .. (فِيمَا سِوَى هَذَا) أي: المذكور، والمذكور هنا ثلاثة أشياء على ظاهر النَّظم:
ما كان مصدَّراً بـ: ابنٍ.
ما كان مصدَّراً بـ: أبٍ.
ما حصل له التعريف بالثاني وليس بـ: ابنٍ أو أب.