إذاً مُراده بهذا البيت: أنَّه إذا تَقدَّم على الياء حرفٌ واحد ونسبت إليه، لم يُحذف منه شيء، بل يُفْتَح ثانيه وهو الياء الساكنة المدغمة الأخيرة، فإن كان أصله واواً رددتها فقلت في (طَيٍّ): طَوَوِي، وإنَّما قُلِبت الياء الأخيرة واواً (طَوَوِي) لماذا؟ قالوا: العِلَّة هي العِلَّة في (الفتى): فَتَوِي، قلنا: لئلا تكون عندنا ياء وقبلها كسرة، فالعِلَّة هي العِلَّة.
قال الشَّارح: وأشار هنا إلى أنَّها إذا كانت مسبوقةً بحرفٍ واحدٍ لم يُحْذَف من الاسم في النَّسب شيء، بل يُفْتَح ثانيه وَيُقْلَب ثالثه واواً، ثُمَّ إن كان ثانيه ليس بدلاً من واوٍ لم يُغَيَّر، وإن كان بدلاً من واوٍ قُلِب واواً .. رجع إلى أصله، فتقول في (حَيٍّ): حَيَوِي، لأنه من: حييتُ، وفي (طَيّ) أصله (طَوَى): طَوَوِيٌّ، لأنه من: طويتُ.
وَعَلَمَ التَّثْنِيَةِ احْذِفْ لِلنَّسَبْ ... وَمِثْلُ ذَا فِي جَمْعِ تَصْحِيْحٍ وَجَبْ
هذا ما يَتعلَّق بالخامس والسادس مِمَّا يجب حذفه من الأخير وهو: علامة التَّثنية، وعلامة جمع التَّصحيح.
(وَعَلَمَ التَّثْنِيَةِ احْذِفْ) يعني: علامته، (عَلَم) مضاف، و (التَّثْنِيَةِ) مضافٌ إليه، (احْذِفْ لِلنَّسَبْ) يعني: لأجل النَّسب.
وَمِثْلُ ذَا فِي جَمْعِ تَصْحِيْحٍ وَجَبْ ..
(مِثْلُ) مبتدأ وهو مضاف، و (ذَا) المشار إليه الحذف للنسب، (جَمْعِ تَصْحِيحٍ) مُتعلِّق بقوله: (وَجَبْ)، (جَمْعِ) مضاف، و (تَصْحِيحٍ) مضاف إليه، والجار والمجرور مُتعلِّق بقوله: (وَجَبْ)، (وَجَب ذَا) الذي هو: حذف العلامة للنَّسب، إذاً: عاد الضمير إلى العلامة .. إلى المضاف دون المضاف إليه، لأنَّه لو رددته إلى المضاف والمضاف إليه وقَعْتَ في لَبسٍ.
حذف علامة التَّثنية من جمع تصحيحٍ، هذا ما يتأتَّى، إنَّما عاد الضمير على المضاف دون المضاف إليه، إذاً: (وَعَلَمَ التَّثْنِيَةِ) أي: علامته، (احْذِفْ) وجوباً، (لِلنَّسَبِ) لأجل النَّسب، (وَمِثْلُ ذَا) الحذف السابق .. العلامة، (وَجَبْ فِي جَمْعِ تَصْحِيحٍ)، (مِثْلُ) مبتدأ، (وَجَبْ) الجملة خبر.
إذاً: إذا أرَدْتَ أن تَنْسِب إلى ما فيه ألفٌ ونون: زيدان، تحذف الألف والنون تقول: زَيْدِي .. (زَيْدِين) تقول: زَيْدِيِّ كذلك، فيستوي حينئذٍ النَّسبة إلى المفرد وإلى المثنَّى والجمع، ولذلك الشُّرَّاح أكثرهم .. الشَّارح والمُرادِي والأشْمًونِي حملوا البيت هنا على النَّسبة إلى المثنَّى والجمع، يعني: إذا سمَّيت رجلاً بـ: زيدان، وسمَّيت رجل بـ: زيدون، ونسبت إليه، لكن المكودي أبى وجعل هنا النَّسبة إلى المفرد.
وَعَلَمَ التَّثْنِيَةِ احْذِفْ لِلنَّسَبْ ..
حينئذٍ تحذف من أجل أن تنسب إلى المفرد، لا أن تنسب إلى المثنَّى نفسه، لماذا؟ لأنَّك إذا جعلت الحكم مُعلَّقاً على المفرد .. على واحد المثنَّى وواحد الجمع، أُخِذ منه المثنَّى والجمع، وإذا عكست قد لا يُؤْخَذ منه المفرد.