(وَحَتْمٌ قَلْبُ ثَالِثٍ يَعِنّْ): قَلْب ثَالثٍ حتمٌ، (حَتْمٌ) هذا خبر مُقدَّم بمعنى أنَّه يجب (قَلْبُ ثَالِثٍ)، (ثَالِثٍ) أطلقه النَّاظم، قلنا: في الرابع الألف المقصورة .. الثالثة سَكَت عنها، والياء هنا ذكر الخامسة والرابعة وأطلق: (ثَالِثٍ) فعمَّ النوعين، يعني: (وَحَتْمٌ قَلْبُ ثَالِثٍ) من ثالث (الفتى) .. الألف المقصورة إذا وقعت ثالثةً، لأنَّه لم يُبيِّن حكمها فيما سبق، وكذلك ياء المنقوص إذا وقعت ثالثة كـ: شَجِي، ما حكمها؟ القلب .. تَعيَّن فيها القلب .. وجب قلب الألف في (الفتى) واواً، هذا في المقصور إذا وقعت ثالثةً، ووجب قلب الياء في المنقوص واواً إذا وقعت ثالثةً.

إذاً: بَيَّن حكم الألف التي للتأنيث فيما إذا وقعت رابعةً وخامسةً، وقلنا: بقي الثالثة لم يَتعرَّض لها، ما حكمها؟ وجب قلبها واواً، فتقول في (فتى): فَتَوِيٌّ، وجب لكون الألف المقصورة هنا وقعت رابعةً.

كذلك في (شَجَى .. شَجِي، هنا وقعت ياء المنقوص ثالثةً، ما حكمها؟ بَيَّن: الخامسة وجب الحذف، الرابعة فيها وجهان، الثالثة يجب القلب، فتقول: شَجَوِيٌّ، ولا تقل: شَجَيٌّ، بالقلب .. قلب الياء واواً.

إذاً قوله: (وَحَتْمٌ) هذا تأكيد، يعني: واجب، (قَلْبُ ثَالِثٍ)، (قَلْبُ) مبتدأ وهو مضاف، و (ثَالِثٍ) أطلق النَّاظم هنا فيشمل ياء المنقوص والألف المقصورة، (وَحَتْمٌ) هذا خبر مُقدَّم و (يَعِنّْ) بمعنى: يعرض، والضمير هنا يعود على: الثالث، والجملة صفة لـ (ثَالِثٍ)، سواءٌ كان ياء المنقوص، أو ألف المقصور فهو حكمٌ عام نحو: عَمٍ وفتى، فتقول فيهما: عَمَوِيٌّ وَفَتَوِيٌّ.

وإنَّما قُلِبت الألف في (فتى) واواً .. (فتى) قلنا: أصلها: فتيان .. فتية، الألف منقلبة عن ياء، وهنا قلنا: تُقْلَب واواً، لماذا لم ترجع إلى أصلها؟ إذاً: ما رَجَعت إلى أصلها، وإنَّما قُلِبت واواً، لو رجعت إلى أصلها لقلبت ياءً، هنا قيل: فَتَوِيٌّ، نقول: قُلِبت الألف في (فتى) واواً وأصلها الياء؛ كراهة اجتماع الكسرة والياءات، يعني: فراراً من الثِّقَل، لأنَّك لو قلبتها ياءً، ثُمَّ عندنا ياءان، وعندنا كسرة، صار فيها ثِقَل على اللسان، وسيأتي هناك الحذف إذا اجتمع عندنا ثلاث ياءات، أو أربعة ياءات.

(وَحَتْمٌ قَلْبُ ثَالِثٍ يَعِنّْ).

قال الشَّارح: يعني: أنَّ ألف الإلحاق المقصورة كألف التَّأنيث فِي وجوب الحذف، إن كانت خامسةً كـ: حَبَرْكَى وَحَبَرْكِى، وجواز الحذف والقلب إن كانت رابعةً كـ: عَلْقَى وَعَلْقِي وَعَلْقَوِي .. جواز الوجهين، ولكن المختار هنا القلب عكس ألف التأنيث، وأما الألف الأصلية فإن كانت ثالثةً قُلِبت واواً.

انظر! ابن عقيل هنا: ألف الإلحاق المقصورة كألف التأنيث ثُمَّ قال: "المختار هنا القلب عكس ألف التأنيث" لم يُسَوِ بينهما، مع أنَّ النَّاظم قال: (مَا لَهَا) ثبت لها.

وأما الألف الأصلية فإن كانت ثالثةً قُلِبت واواً كـ: عصاً وَعَصَوَي، وَفَتَىً وَفَتَوِي، وإن كانت رابعةً قُلِبت أيضاً واواً كـ: مَلْهَوي، وربما حُذِفت كـ: مَلْهِي، والأول هو المختار، يعني: جاز فيها الوجهان لكن لا على السواء.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015