العاطف يمنع، هذا أولاً، طيب! لو لم يكن عاطف؟ أيضاً: لا يجوز، لأنَّك لو جعلته خبراً حينئذٍ يكون المعنى: (قَلْبُهَا حَذْفُهَا حَسَنْ) قلبها وحذفها معاً في وقتٍ واحد، لكن نحن نُقدِّر هنا خبر للمبتدأ الأول، (فَقَلْبُهَا) جائزٌ، أو مستساغٌ، أو لا بأس به، وتجعل (وَحَذْفُهَا حَسَنْ) جملة مُستقلِّة، أمَّا لو جعلت (حَذْفُهَا حَسَنْ وقَلْبُهَا) هذا ما يصلح، لأنَّه يصير المحل واحد: قلب وحذف، لا، إمَّا قلب فلا تحذف، وإمَّا حذفٌ فلا تقلب، وأمَّا قلبٌ حذفٌ في وقتٍ واحد، هذا ما يَصْدُق .. لا يصلح، فالإعراب إذا أعربته (فَقَلْبُهَا) مبتدأ أول، (وَحَذْفُهَا) مبتدأ ثاني، مع أنَّه ما يجوز لوجود الواو، لكن لو أسقطنا الواو، أو أراد إنسان أن يُعرِب هذا نقول، لا.
وَإنْ تَكُنْ تَرْبَعُ ذَا ثَانٍ سَكَنْ ... فَقَلْبُهَا وَاواً وَحَذْفُهَا حَسَنْ
يعني: أن ألف التأنيث المقصورة إذا كانت رابعةً في اسمٍ ساكنِ الثاني جاز فيها الحذف والقلب واواً نحو: حُبْلَى، تقول فيها على الأول (حَذْفُهَا): حُبْلِيٌّ، وعلى الثاني وهو القلب: حُبْلَوِيٌّ، بقلب الألف واواً، ويجوز مع القلب أن يُفْصَل بينها وبين اللام بألفٍ زائدة تشبيهاً بالممدودة، فتقول: حبلاويٌّ، تُزاد ألف بين اللام والواو.
وليس في كلام النَّاظم ترجيح أحد الوجهين على الآخر، وليسا على حدٍّ سواء، بل الحذف هو المختار وإن أخَّره.
فَقَلْبُهَا وَاوَاً وَحَذْفُهَا حَسَنْ ..
إذاً: هل فيه ترجيح؟ ليس فيه ترجيح، وإنَّما قدَّم الواو وأخَّر الحذف، قد يُقال بأنَّه لَمَّا حذف – هذه من رأسي! - خبر الأول ونصَّ على خبر الثاني، فَمَا نَصَّ على خبره مُقدَّم .. يُمكن؟ (فَقَلْبُهَا وَاوَاً) حذف الخبر، (وَحَذْفُهَا حَسَنْ) الشُّرَّاح يقولون: لم يَنُص النَّاظم على الترجيح، وهذا مأخذ عليه، لأنَّه سوَّى بينهما والحكم ليس على التَّسويه، لكن يُمكن أن يُقال: بأنَّه نَصَّ على الثاني (حَذْفُهَا حَسَنْ)، وحذف خبر الأول دل على أنَّه مختار وأنَّه أرجح، على كُلٍّ: الأرجح الحذف هنا وهو المختار.
وَفُهِم من البيت تقييده:
وَإِنْ تَكُنْ تَرْبَعُ ذَا ثَانٍ سَكَنْ ..
فُهم من البيت: أنَّها إذا كانت خامسةً فما فوق، أو رابعةً في اسمٍ ثانيه مُتحرِّك وجب حذفها؛ لدخولها في الضابط الأول، لأنَّه قال: (أَوْ مَدَّتَهُ لاَ تُثْبِتِ) هذا عام، قلنا: المدَّة هنا .. مدَّة التأنيث، إمَّا أن تكون خامسة أو رابعة - الثالثة سيأتي البحث فيها - إمَّا أن تكون خامسة أو رابعة، إن كانت خامسة وجب حذفها مُطلقاً، هل يُمكن أن نأخذ التفصيل هنا من البيت الثاني؟ نعم، لأنَّه قال: (وَإِنْ تَكُنْ تَرْبَعُ) فسوَّى فيها طرفين: قلب الواو، والحذف.
مفهومه: أنَّ الخامسة تُحْذَف بلا تفصيل، وتقييد الرابعة بأنَّها إذا كانت (ذَا ثَانٍ سَكَنْ) ففيها الوجهان، مُفهومه: أنَّه إذا لم يسكن الثاني كالخامسة.
إذاً: الأحوال ثلاثة: خامسةٌ .. رابعةٌ ثانيها ساكن .. رابعةٌ ثانيها مُتحرِّك، من البيتين. ز من قوله:
أَوْ مَدَّتَهُ لاَ تُثْبِتَا وَإِنْ تَكُنْ تَرْبَعُ ..