إذاً القاعدة: أنَّ المبني لا يُصَغَّر، ولَمَّا كان في (ذا) و (الَّذي) وفروعهما شبهٌ بالأسماء المُتمكِّنة، أشبهت هذه الألفاظ الأسماء المُتمكِّنة، بكونها تُوصَف وَيُوصَف بها اسْتُبِيح تصغيرها، يعني: أرادوا التماس عِلَّة .. لماذا صُغِّرت؟ قالوا: هذه أشبهت الأسماء المتمكِّنة، في أي شيء؟ قالوا: الأسماء المتمكِّنة يُوصف وَتُوصف، يُوصف بها يعني: تقع نعتاً لغيرها، وهي تُنْعَت أيضاً، ومثلها (الَّذي) و (الَّتي) وما عُطِف عليه، فأشبهت الأسماء المُتمكِّنة فَاستُبِيح - الأصل: المنع - فَاسْتُبِيح تصغيرها، لكن على وجهٍ خُولِف به تصغير المُتمكِّن، يعني: لم يأتوا بها على وزن (فُعَيْل) و (فُعَيْعِل) بضمِّ الأول وفتح الثاني وزيادة ياء التَّصْغِير لا .. خُولِف.
لكن على وجهٍ خُولِف به تصغير المُتمكِّن فَتُرِك أولها على ما كان عليه قبل التَّصْغِير، هذه مُخالفة أولى، في باب التَّصْغِير الاسم المُتَمكِّن يُضَمَّ أوله، هنا قيل: (ذَيَّ) الذال مفتوحة، والأصل: أنَّها تُضَم .. خالف .. هذه واحدة.
إذاً: تُرِك أولها على ما كان عليه قبل التَّصْغِير، وَعُوِّض من ضمَّه ألف مزيدة في الآخر .. هذا مخالفة، ووافقت المُتمكِّن في زيادة ياء ساكنة ثالثة بعد فتحةٍ، فقيل في (الَّذِي) و (الَّتي): (الَّذَيَّ) و (الَّتَيَّ) وفي تَثْنِيَتِهما: (الَّذَيَان) و (الَّتَيَّان)، وأمَّا الجمع فقال سيبويه في جمع (الَّذي): (الَّذِيُّون) بالواو، رفعاً، وضمَّةٍ قبل الواو، (والَّذِيِّين) هذا جرًا ونصباً بالكسر قبل الياء، وفي جمع (الَّتَي) هذه تُجْمَع على ماذا؟ (الَّتَيَّات).
إذاً: على هذا إذا جُمِع (الَّذي) و (الَّتي) إلى آخره، ما بقي شيء من الفروع، لذلك قال: (مَعَ الفُرُوعِ) يعني: في الجملة.
(وَصَغَّرُوا شُذُوذاً الَّذِي) (الَّذَيَّ) .. (الَّتي) (الَّتَيَّ)، ولذلك قال الشَّاعر:
بَعْدَ الَّتَيَّا والَّتَيَّا وَاَلَّتِي ... إِذَا عَلَتْهَا أَنْفُسٌ تَرَدَّتِ
وقال كذلك:
أَنِّي أَبُو ذَيَّالِكِ الْصَّبِيِّ.
(ذَيَّالِكِ) صَغَّره، ولم يذكر سيبويه من الموصولات التي صُغِّرت غير (الَّذَيَّ) و (الَّتَيَّ) وتثنيتهما وجمعهما فقط، (الَّذي) و (الَّتي) للمفرد، وتثنيتهما وجمعهما، هذا في الجملة.
وصغَّروا من أسماء الإشارة: (ذَا) و (تَا) فقالوا: (ذَيَّ) و (تَيَّ)، وفي التَّثنية: (ذَيَّانْ) و (تَيَّان)، وفي (أُلَى) بالقصر: (أُلَيَّ)، وفي (أُلاء) بالمدِّ: (أُلَيَّاء) ولم يُصَغِّروا منها غير ذلك، إذاً مراد النَّاظم: أنَّه في الجملة، ولا يُصَغَّر (ذِي) اتفاقاً للإلباس، ولا (تِي) لاستغنائه بتصغير (تا) خلافاً للنَّاظم.
إذاً: الأصل: ألا ندخل في بحث كيفية التَّصْغِير، لأنَّها ما دام أنَّها شاذَّة من حيث الإقدام ومن حيث الصِّفة، حينئذٍ لا نحتاج أن نقول: زادوا إلى آخره، وإنَّما تُنْطَق كما هي فيقال: هذه تُحْفَظ ولا يقاس عليها، وَيُحْكَم عليها بكونها مُصَغَّرة من كذا وكذا إلى آخره.
وَصَغَّرُوا شُذُوذاً الَّذِي الَّتي ... وَذَا مَعَ الفُرُوعِ مِنْهَا تَا وَتِي