(وَنَدَرْ) فعلٌ ماضي، و (لَحَاقُ) هذا فاعل وهو مضاف، و (تَا) مضافٌ إليه، (فِيمَا) مُتعلِّق بـ: (نَدَرْ)، يعني: في الذي كَثَر (ثُلاَثِيّاً) ثُلاَثِيّاً هذا مفعول مُقدَّم لقوله: (كَثَرْ)، و (كَثَرْ) بمعنى: فاق.
قال الشَّارح: إذا صُغِّر الثُّلاثي المؤنَّث الخالي من علامة التأنيث لحقته التاء عند أمن اللبس، وَشَذَّ حذفها حينئذٍ (وَشَذَّ تَرْكٌ دُونَ لَبْسٍ) فتقول في (سِنّ): سُنَيْنَةٌ، وفي (دَارٍ): دُوَيْرَةٌ، وفي (يَدٍ): يُدَيَّةٌ، فإن خيف اللبس لم تلحقه التاء" هذه قاعدة عامة في باب النحو كله.
فتقول في (شَجَر) و (بَقَر) و (خَمْس): شُجَيْرٌ، وَبُقَيْرٌ، وَخُمَيْسٌ بلا تاءٍ، إذ لو قلت: شُجَيْرَةٌ وَبُقَيْرَةٌ وَخُمَيْسَةٌ، لالتبس بتصغير: شجرة وبقرة وخمسة، المعدود به مُذَكَّر.
ومِما شَذَّ فيه الحذف عند أمن اللبس قولهم في: (ذَوْدٍ) و (حَرْبٍ) و (قَوْسٍ) و (نَعْلٍ): ذُوَيْد دون تاء، والأصل: ذُوَيْدةٌ، و (حُرَيْب) والأصل: حُرَيْبَةٌ، و (قُوَيْس) والأصل: قُوَيْسَةٌ، و (نُعَيْل) والأصل: نُعَيْلَةٌ، وزيد عليه: شَوْل، وَنَاب، وَفَرَس، وَدِرْع، وَعِرْس، وَضُحَى، وَعَرَب أو عُرْبْ .. بالوجهين، وَنَصَفْ بفتحتين، كلها ألفاظ محفوظة تحفظ ولا يُقاس عليها.
(وَشَذَّ تَرْكٌ دُونَ لَبْسٍ) وَشَذَّ أيضاً لحاق التاء، انظر! عبَّر ابن عقيل بالشذوذ .. هذا هو الظَّاهر، (وَنَدَرْ لَحَاقُ) نادر؛ لأنَّ التعبير بالندور اخْتُلِف فيه هل هو شاذٌّ أم لا .. هل يقاس عليه أم لا؟ عندهم خلاف في هذا، لكن الظَّاهر أنَّه شاذ .. يُعَبَّر بالشذوذ هنا، (وَنَدَرْ لَحَاقُ تَا) قصره للضرورة، (فِيمَا) في الذي كَثَر ثُلاثياً، والجملة لا محل لها من الإعراب صلة الموصول، وشذ أيضاً لحاق التاء فيما زاد على ثلاثة أحرفٍ كقولهم في (قُدَّام): قُدَيْدِيمَة.
وَصَغَّرُوا شُذُوذاً الَّذِي الَّتِي ... وَذَا مَعَ الفُرُوعِ مِنْهَا تَا وَتِي
يُشْتَرط: أن يكون الاسم المُصغَّر مُتمكِّناً، إذاً: الموصولات لا حظَّ لها من التَّصْغِير، لأنَّ التَّصْغِير نوعٌ من أنواع التَّصريف، والصَّرف كله إنَّما يُخَصُّ به الاسم المُتمكِّن، وأمَّا الحرف وشبه الحرف وهو المبني فلا حظَّ له في التَّصريف. ء
التَّصْغِير من جملة التَّصريف فحقُّه ألا يدخل غير المُتمكِّن من الأسماء، ولكن هنا قال: (وَصَغَّرُوا) أي: العرب لا النُّحاة، لأنَّ النُّحاة لو صَغَّروا لخالفوا قواعدهم، أو الصرفيين لو صَغَّروا لخالفوا قواعدهم، فلا يتأتَّى منهم أن يُصَغِّروا، ولذلك لم يقيسوا ما لم يُسْمَع على ما سُمِع، ما لم يُسْمَع من الموصولات أو أسماء الإشارة لم يقيسوه، لأنَّه مُخالف لقواعدهم.
إذاً: (وَصَغَّرُوا) أي: العرب .. سُمِع، (شُذُوذاً) هذا حال من فاعل (صَغَّرُوا)، (شُذُوذاً) يعني: خروجاً عن قواعدهم العامة، صَغَّروا ماذا؟ (صَغَّرُوا الَّذِي وَالَّتِي) هذان من الموصولات، (وَذَا) اسم إشارة، (مَعَ الفُرُوعِ مِنْهَا) يعني: من أسماء الإشارة، (تَا وَتِي) الفروع منها .. من أسماء الإشارة و (الَّذِي) و (الَّتِي)، و (تَا وَتِي).