إنَّما قال بالتاء ولم يقل: غير الهاء، ليشمل تاء: بنت وأخت، فإنها لا يُعْتَدُّ بها أيضاً، بل يقال: بُنَيَّة وَأُخَيَّة بردِّ المحذوف: أُخْت .. أُخَيَّة، حينئذٍ غير التاء يشمل التاء المفتوحة، لأنَّك إذا وقفت عليها قلت: بنت، ولا تقف عليها بالهاء، بِخلاف: عائشة، تقف عليها بالهاء، فلذلك قال: (غَيْرَ التَّاءِ) ليشمل تاء: بنت وأخت.
لَمْ يَحْوِ غَيْرَ التَّاءِ ثَالِثَاً كَمَا ..
هنا أشار بـ: (مَا) إمَّا أنَّها (مَا) الاسمية، أو (مَا) الحرفية إذا سُمِّي بها، حينئذٍ في الأصل ثنائي .. أصل وضعها على حرفين، فكيف نَرد إليه؟ ما عندنا شيء نردَّه، أو قد يكون على حرفين وَنُقِص منه حرف، هذا لا إشكال فيه مثل: يَدْ وَدَمْ، فلو كان: ماء، لا إشكال أن الهمزة هنا ترجع إلى أصلها: مُوَيْهٌ، أو: ماء لغةٌ في (ماء) بالهمز، وهو الماء المشروب.
حينئذٍ القاعدة العامة: أنَّه إذا سُمِّي بما وُضِع ثنائياً، لأنَّ مثال النَّاظم مُحتمل .. يحتمل أنَّه أراد (مَا) لغةً في (الماء) المشروب، ويحتمل أنَّه أراد (مَا) الاسمية أو الحرفية إذا سُمِّي بها، سمَّيت رجل: (مَا) .. موصولة، أو الشرطية نقلتها جعلتها علماً، أو (مَا) النافية، سمَّيت رجل: (مَا) كيف تُصغِّره .. حينئذٍ كيف تأتي بثالث؟ لا يوجد ثالث هنا، لأنَّ أصل وضعها على ثنائي.
إذاً نقول: إذا سُمِّي بما وُضِع ثنائياً حينئذٍ ننظر، فإن كان ثانيه صحيحاً نحو: هَلْ وَبَلْ، سمَّيت رجل: هَلْ، وأردت أن تُدَلِّلَه فتصغِّره، كذلك: بَلْ، حينئذٍ لا بُدَّ من زيادة حتى يأتي على وزن (فُعَيْل)، ولكن هذه الزيادة في: هَلْ وَبَلْ، إذا كان صحيحاً لا تتأتَّى قبل التَّصْغِير بل بعد التَّصْغِير.
لم يَزِد عليه شيءٌ حتى يُصَغَّر، فيجب أن يُضَعَّف أو يُزَاد عليه ياء. إمَّا أن تُضعِّفه، وإمَّا أن تزيد عليه ياء، فيقال: هَلْ .. هُلَيْلٌ، ضَعَّفت اللام، (بُلَيْلٌ) زِدْتَ ياء التَّصْغِير ثالثةً بعد اللام، ثُمَّ ضعَّفت اللام، أو: هُلَيٌّ، ماذا صنعت؟ ضممت الأول، وفَتَحَت الثاني، وزِدْتَ ياء التَّصْغِير ثالثةً ساكنة، ثُمَّ الياء لِتَتوصل بها إلى وزن (فُعَيْل)، ثُمَّ أدغمت الياء في الياء قلت: هُلَيٌّ .. بُلَيٌّ، بالتضعيف، ياء التَّصْغِير مع الياء الزائدة.
إذاً: هذا إذا كان صحيحاً، تُضَعِّف أو تزيد ياء، ولا يكون الزيادة هنا إلا بعد التَّصْغِير، يعني لا تقول: هَلِي أو هَلاَّ ثُمَّ تصَغِّره لا، إنَّما تأتي الزيادة بعد التَّصْغِير، فإن كان مُعتلَّاً وجب التضعيف قبل التَّصْغِير، معتلّاً مثل: لَوْ وَكَيْ، ليس صحيح الآخر، حينئذٍ وجب التضعيف قبل التَّصْغِير فَيُقَال في (لَوْ) و (كَيْ) و (مَا) .. (مَا) الموصولة مثلاً، أعلاماً سمَّيت بها: (لَوٌّ) زِدْتَ حرفاً، و (كَيٌّ) زِدْتَ حرفاً .. أدغمت، ولذلك قلنا: هذا وجهٌ في الإعراب فيما سبق (لَوْ) على (لَوٍّ) جاز تضعيفها، لأنَّه حرف عِلَّة، حتى لو لم تُرِد تصغيرها .. لو جعلتها اسماً جاز فيها.