(قُلِبْ) هنا عمَّم النَّاظم، وباب التَّصْغِير قلنا: بعض المسائل فيه تُخالف ما يَنُصُّون عليه في باب التصريف، (قُلِبْ) المراد بالقلب هنا: مُطلق الإبدال إذْ فرقٌ بين الإبدال والقلب، لأنَّ القلب في اصطلاح أهل التصريف: لا يُطْلَق على إبدال حرف لينٍ من حرفٍ صحيح ولا عكس، بل على إبدال حرف عِلَّة من حرف علَّةٍ آخر، واو إلى ياء .. ياء إلى واو .. واو أو ياء إلى ألف، هذا يسمى: قلباً ولا يسمى: إبدالاً، لكن النَّاظم هنا عَمَّم، قلنا: ذِيب .. ذِئْب، الهمزة هذا حرفٌ صحيح، أُبْدِلت الهمزة ياء هذا يسمى: إبدالاً، ولا يسمى: قلباً عند التَّصريفيين، لكن النَّاظم هنا أطلق قال: (قُلِبْ) فعمَّ الإبدال عند الصرفيين، وما هو قلبٌ عندهم أيضاً، فيكون أشبه ما يكون هنا بقوله: (قُلِبْ) أُبْدِل، لأنَّ الإبدال أعم، والقلب أخص، القلب هو إبدالٌ لكنَّه حرف عِلَّة عن حرف عِلَّة آخر، وأمَّا الإبدال فهو أعم تُبْدِل حرفاً صحيحاً إلى همزة والعكس إلى آخره، هذا يُسمى: إبدالاً ولا يسمى: قلباً، والنَّاظم أراد مُطلق الإبدال، فالذي يدخل تحته إبدال حرف عِلَّة بصحيح أو عكس، وإبدال حرف عِلَّةٍ عن حرف علَّةٍ آخر.
وَارْدُدْ لأَصْلِ ثَانِيَاً لَيْنَاً قُلِبْ ... فَقِيمَةً صَيِّرْ قُوَيْمَةً تُصِبْ
وَشَذَّ فِي عِيْدٍ عُيَيْدٌ. . . . . . ... . . . . . . . . . . . . . . . . . .
(عِيْد) من العَوْد، نقول: عيد الفطر (عُيَيْد) إذا صغَّرته، ولا تردَّه تقول: عُوَيْد، هذا الأصل، لأنَّه يوهم، إذا قلت: عويد، يظن الظَّان أنَّه تصغير: عود، وليس هو المراد هنا، (عِيْد) من العَوْدَة، سُمِّي: عيداً، لذلك لأنَّه يعود مرَّةً بعد أخرى، حينئذٍ: عويد، هذا الأصل فيه.
(وَشَذَّ) يعني: خرج عن القياس، (فِي عِيْدٍ عُيَيدٌ) شذَّ عُيَيدٌ في عيدٍ، والأصل فيه أن يُقال: عويد، إذاً: ورد في لسان العرب ما هو منقلبٌ عن أصلٍ وهو الحرف الثاني والأصل فيه في التَّصْغِير أن يُرَدَّ إلى أصله فيكون داخلاً في القاعدة السابقة:
وَارْدُدْ لأَصْلِ ثَانِيَاً لَيْناً قُلِبْ ..
منه (عِيد) .. (عِود) هذا الأصل، سَكَنَت الواو بعد كسرةٍ فَقُلِبت ياءً فقيل: (عيد) إذا جئت تُصغِّر على القاعدة تقول: عويد، مثل: بويب، لكن لَمَّا كان مُوقعاً في لبسٍ وهو إيهام أنَّ: عويد، هذا ليس تصغير (عِيْد) وإنَّما هو تصغير: عود، فحينئذٍ بقي على أصله.
إذاً قوله: (وَارْدُدْ لأَصْلِ) هذه قاعدة عامة، ورد ما هو مُنقلبٌ عن أصلٍ غير مردودٍ لأصله في لسان العرب، بل حتى في الشرع.