السابع: وجود ثانٍ له في الكون، فلا يثنى شمس ولا قمر، لا يقال: قمران ولا شمسان، فإذا قيل: القمران صار من باب التغليب؛ لأنه إذا فك ورُجِعَ إلى أصله من عاطف ومعطوف عطفت متغايرين، وشرط المثنى: أن تعطف متماثلين، فلا يثنى شمس ولا قمر، وهذا الشرط مستغنىً عنه باشتراط اتفاق اللفظ، هذا أصح وإن ذكره النحاة، إذا قيل: لا بد من اتفاق اللفظ في الحروف وضبطها وعددها حينئذٍ نقول: شمس وقمر لم يتفقا، أليس كذلك؟ زيدٌ وزيدٌ، هذا شرط لا بد من الاتفاق في اللفظ وعدد الحروف، والحروف وضبطها.
شمس وقمر، قيل: قمران، انتفى الشرط السابق وليس بشرط مستقل وإن ذكره النحاة.
الثامن: عدم الاستغناء عن تثنيته بغيره فلا يثنى: (بعض) و (سواء) لا يقال: (بعضان)، ولا (سواءان)، لماذا؟ لأنه ثني جزء فقيل: (جزءان) و (سي) جزء عن بعض يكفي، (سي) سيان، حينئذٍ يكفي عن (سواء).
ولا تثنى كذلك لفظ: (أجمع) ولا (جمعان) في التوكيد استغناءً بـ (كلا) و (كلتا) ولا يقال: (أجمعان) ولا (جمعاوان) لماذا؟ لأنه وُجد عندنا (كلا) و (كلتا) كلا في المذكر، وكلتا في المؤنث.
كما لا يثنى العدد الذي يمكن الاستغناء عن تثنيته بعدد آخر؛ لأن الثلاثة وثلاثة لا تقل: ثلاثان، وإنما تقول: ستة، أربعة وأربعة لا تقل: أربعان، لأنه عندك ثمانية، بخلاف: مائة .. مائتان، ألف .. ألفان، لماذا؟ لأنه لم يوجد لفظ يغني عنهما، ثلاثة لا يقال: ثلاثان، لماذا؟ لوجود ستة، لأنها هي معنى الثلاثَين، كذلك لا يقال: أربعان لوجود الثمانية، لكن مائة نقول: مائتان صح التثنية لعدم وجود ما يدل عليها.
إذاً: هذه الشروط ثمانية:
شَرْطُ المُثَنَّى أَنْ يَكُونَ مُعْرَبَا ... مُوافِقاً في اللَّفْظِ والمَعْنَى لَهُ
ولم يكُن كُلاً ولا بعضا ولا ... وَمُفْرَداً مُنَكَّراً ما رُكِّبَا
مُمَاثِلٌ لَمْ يُغْن عَنْهُ غَيْرُهُ ... مستغرقاً في النفي نِلْتَ الأمَلا
مستغرقاً في النفي: قالوا: كأحد وديار، لا يقال: دياران وأحدان، لماذا؟ لأنه هذا مستغرق للنفي يعم الكل، حينئذٍ لا يمكن .. لا يتصور فيه وجود جزأين أو فردين أو أحادين بل هو عامٌ.
إذاً: هذا الشروط كلها لا بد من وجودها وتوفرها فيما يصح الإقدام عليه وتثنيته:
بِالأَلِفِ ارْفَعِ الْمُثَنَّى وَكِلاَ ... إِذَا بِمُضَمَرٍ مُضَافاً وُصِلاَ
كِلْتَا كَذَاكَ اثْنَانِ واثْنَتَانِ: (كلا) و (كلتا) بقي فيمها مسألة: هل يقال: (كلا) و (كلتا) اسمان ملازمان للإضافة؟ كما سيأتي في باب الإضافة، أنهما يضافان إلى ماذا؟ إلى المعرف الذي يدل على اثنين بلا تفرقٍ، ولو كان بحسب اللفظ مفرداً، يأتي في بابه هذا.
لفظهما لفظ مفرد: (كلا) و (كلتا) في اللفظ مفرد، وفي المعنى مثنى، حينئذٍ العرب نظرت إلى اللفظ فراعته، ونظرت إلى المعنى فراعته، فإذا أعيد ضمير على (كلا) و (كلتا) جاز لك وجهان:
إما مراعاة اللفظ فيذكر، وإما مراعاة المعنى فيؤنث، ولفظهما مفرد ومعناهما مثنى، ولذلك أجيز في ضميرهما اعتبار المعنى فيثنى، ليس التذكير .. لا فَيُثَنى، واعتبار فَيُفْرَدُ:
كِلاهُمَا حِينَ جَدَّ الجَرْي بَينَهُما ... قَدْ أقلَعا وكِلاَ أنفَيهما رَابي