(أَوْ مَدَّتِهِ) يعني: أو مدَّة عَلَم التأنيث أي: المدَّة التي قبله، وهذا المراد به: الألف الممدودة، وأفهم قوله: (أَوْ مَدَّتِهِ) أنَّ الألف الممدودة في نحو: حمراء، ليست علامة التأنيث، حمراء ما بين الراء والهمزة .. الألف المدَّة هذه ليست علامة تأنيث، وإنَّما علامة التأنيث هي الهمزة .. هي ألف، ولذلك مذهب البصريين: أنَّها فرعٌ، وهي الألف المقصورة زِيدَت، ثُمَّ اجتمع عندنا ألفان فَقُلِبت الثانية همزة.
حينئذٍ ألف التأنيث هي الهمزة، لكنَّها ليست أصل الهمزة، وإنَّما الهمزة منقلبةٌ عن الألف، لأنَّه غاير بينهما، فدل على أنَّ النَّاظم اختار هذا القول، لو كانت المدَّة هي العلامة لَمَا أخرجها وفصلها عن علم التأنيث، لكن لَمَّا فصلها عن علم التأنيث دلَّ على أنَّه يرى أنَّ هذه المدَّة ليست للتأنيث.
إذاً أفهم قوله: (أَوْ مَدَّتِهِ) أن الألف الممدودة في نحو: حمراء، ليست علامة التأنيث، وهو كذلك عند جمهور البصريين، وإنَّما العلامة عندهم الألف التي انقلبت همزة، فالمدَّة نفسها ليست علامة تأنيث، وإنَّما علامة التأنيث الألف المنقلبة همزة، والألف التي قبلها زائدة بخلاف ألف التأنيث المقصورة فإنها علامة تأنيث، ولذلك لم يكتف بعلامة التأنيث عن الممدودة.
إذاً: هذا مذهب النَّاظم، وهو المرجَّح عند سيبويه وجمهور البصريين: أنَّ حمراء وصفراء، عندنا ألفان هنا: ألف التي هي الأولى مدَّة بقيت كما هي، والألف الثانية انقلبت همزة - وسيأتينا في باب (الإبدال) هناك - انقلبت همزة، الهمزة هي علامة التأنيث لا بفرعها .. بكونها همزة، وإنَّما بأصلها وهو ألف التأنيث.
(أَوْ مَدَّتِهِ) إذاً: الموضع الثاني الذي يُفْتَح ما بعد ياء التَّصْغِير: ما قبل المدَّة الزائدة قبل ألف التأنيث نحو: صحراء، فتقول: صُحَيْرَاء، لأنَّك لو كسرت الرَّاء لوجب قلب الألف همزة، علامة التأنيث هناك: التاء والألف لا يناسبها ما قبلها إلا الفتحة، هنا لو كسرت. ز يجوز الكسر ولا إشكال، لكن لزم من ذلك قلب الألف ياءً، وإذا قُلِبت الألف ياءً رجعت الهمزة إلى أصلها، لأنَّ الهمزة إنَّما قُلِبت همزة وهي أصلها ألف؛ لعدم اجتماع ألفين، فـ: صحراء، تقول: صُحَيْراء، وحمراء: حُمَيْرَاء.
كَذَاكَ مَا مَدَّةَ أَفْعَالٍ سَبَقْ ..
(كَذَاكَ) أي: مثل ذاك، أي: يجب أيضاً فتح الحرف الذي بعد ياء التَّصْغِير إذا كان قبل مدَّة (أَفْعَالٍ)، (أَوْ مَدَّ سَكْرَانَ): أو قبل مَدِّ سكران، وما التحق به مِمَّا في آخره ألفٌ ونون زائدتان.
إذاً:
كَذَاكَ مَا مَدَّةَ أَفْعَالٍ سَبَقْ ..
هذا الموضع الثالث: ما قبل ألف (أَفْعَال) كـ: أجمال، (أجمال) على وزن (أَفْعَال)، و (أفراس) على وزن (أَفْعَال)، حينئذٍ تقول: أجمال .. أُجَيْمَال، لو قلت: أُجَيْمِيل، وجب قلب الألف ياء، وذهبت ألف التكسير، حينئذٍ تقول: أَجْمَال، على وزن (أَفْعَال) تفتح ما قبل الألف ولا تكسِر، وتفتح ما بعد ياء التَّصْغِير ولا تكسر، فتقول: أُجَيْمَال .. أُفَيْرَاس، على الأصل.