ودخل في عبارته ما كان من خمسة أحرف قبل آخره لين، نحو: قرطاس، فأخرجه بقوله: (مَا لَمْ يَكُ لَيْنَاً) يعني: هذا استثناء، إلا إذا كان زائد الخماسي قبل آخره حرف لين، يعني: حرفٌ من حروف العِلَّة قبل الآخر، فإن كان كذلك لم يُحذف، بل يُجمع على (فَعَالِيلَ) مثلاً: عصفور، كم حرف؟ خمسة، حينئذٍ هل نحتاج إلى حذفٍ؟ نحن نجمعه على: عصافير، هل حُذِف منه آخر؟ الراء موجودة، حينئذٍ نقول: إذا كان قبل الآخر حرف لين أُبْقِي الآخر ولا يُحذف، لأن هذا الآخر سينقلب ياء.
إذاً: قوله (لَمْ يَكُ لَيْنَاً) احترز به من نحو: عصفور وقرطاس، فإنَّه يُقال: عصافير وقراطيس، وكذلك: قنديل يُقال فيه: قناديل، فيبقى على أصله ولا يُحذف منه، لأنَّ هذا الحرف .. حرف اللين سينقلب ياءً فصار خفيفاً، فلا يُحذف من ذلك شيء، لأنَّ بنية الجمع تصحُّ دون حذفٍ فتقول: قراطيس وقناديل وعصافير.
إذاً قوله: (مَا)، (مَا) هذه ظرفيَّة مصدريَّة، (لَمْ يَكُ) يعني: الزائد، (لَيْنَاً) يعني: حرف لين، وسبق المراد بحرف لين، (إِثْرَهُ) يعني: بعده (اللَّذْ خَتَمَا) يعني: الذي .. لغة في: (الذي) .. (اللَّذْ)، (خَتَمَا) الألف للإطلاق، و (اللَّذْ خَتَمَا) ما هو؟ الحرف الخامس .. الحرف الأخير ختم الكلمة، ولذلك حذف المفعول، ختم ماذا؟ ختم الكلمة بعده، يعني: آخر حرف هو.
(إِثْرَهُ) هذا خبر (اللَّذْ)، (لَمْ يَكُ لَيْنَاً) لم يَكُ الزائد ليْناً، أي: يُحذف زائد الخماسي إذا لم يكن .. إذا (لَمْ يَكُ) حرف لينٍ قبل الآخر، فإن كان كذلك لم يُحذف بل يُجمع على (فَعَالِل) هذا استثناءٌ من قوله:
. . . . . . . . . وَمِنْ خُمَاسِي ... جُرِّدَ الآخِرَ انْفِ بِالْقِيَاسِ
قال الشَّارح هنا: من أمثلة جمع الكثرة (فَعَالِل) وَشِبْهُه، وهو كل جمعٍ ثالثة ألفٌ بعدها حرفان، فَيُجمع بـ: (فَعَالِل) كل اسمٍ رباعي غير مزيدٍ فيه، نحو: جعفر وجعافر، وَزِبْرِج وَزَبَارِج، وَبُرْثُنْ وَبَرَاثِن".
إذاً: رباعي مُطلقاً سواءٌ كان مُجرَّداً أو مزيداً فيه، يُجمع على (فَعَالِل)، وليس فيه حذف، لأنَّ الوزن أكثر عدداً من الموزون: جَعْفَر، على أربعة أحرف، وَجَعَافِر على خمسة أحرف، إذاً: ألف التكسير .. ألف الجمع موجودة فلا إشكال فيه.
وَيُجمع بشبهه كل اسمٍ رباعي مزيدٍ فيه، نحو: جَوْهر .. جَوَاهر، ليس (فَعَالِل) هذا (فَوَاعِل)، وَصَيْرَف .. صَيَارِف .. (فَيَاعِل) ومسجد .. مساجد (مَفَاعِل)، هذا كُلُّه شبه (فَعَالِل) ليس على وزن (فَعَالِل) إنَّما هو شبيهٌ به.
واحترز بقوله: (مِنْ غَيْرِ مَا مَضَى) من الرُّباعي الذي سبق ذكر جمعه كـ: أحمر، (أحمر) هذا رُبَاعي: حمراء، هذا مؤنَّث الرُّباعي، ونحوهما مِمَّا سبق ذكره، فهذا له أوزانٌ مُستقرِّة، وأشار بقوله:
. . . . . . . . . وَمِنْ خُمَاسِي ... جُرِّدَ الآخِرَ انْفِ بِالْقِيَاسِ
إلى أنَّ الخماسي المُجرَّد عن الزيادة يُجمع على (فَعَالِل) قياساً، وَيُحذف خامسه، نحو: سَفَارِج في: سَفَرْجَل، وَفَرَازِد في: فَرَزْدَق، وَخَوَارِنْ في: خَوَرْنَق.