حينئذٍ ياء النسب هي شيءٌ زائدٌ على أصل الكلمة قابلٌ للحذف، هذا الأصل فيها، حينئذٍ إذا أُريد أن يُفرَّق بين الياء التي تكون للنسب والياء التي لغير النسب (كَالْكُرْسِي) نقول احذف هذه الياء، إن بقي الاسم دالَّاً على معنىً فحينئذٍ نقول: هذه ياء النسب، وإلا فهي ياءٌ لغير النسب.
وَيُعرف ما ياؤه للنسب بصلاحية حذف الياء، ودلالة الاسم على المنسوب إليه، وما ليس لتجديد النسب لا يصلح لذلك، وهذا يشمل نوعين:
الأول: ما وُضِع أصالةً، هكذا بالياء مشدَّدة، أول ما وُضِع وضع على وزن (كُرْسِي) مثلاً، حينئذٍ نقول: هذه الياء، وإن لم تكن للنسب إلا أنَّها وُضِعت أصالةً مُشابهةً لياء النسب، ما وُضِع بالياء المُشدَّدة وهذا مثَّل له بـ: كرسي، إذ ليس عندنا كلمة مُؤلَّفة من كاف وراء وسين.
والنوع الثاني: ما أصله بياء النسب، يعني: فيه ياء النسب، ولكن اسْتُعْمِل استعمال الأسماء فصار النسب منسيَّاً، هذا وارد كثير عندهم، ولذلك قلنا: عَبْد وَأَعْبُد، الأصل: أنَّه لا يُجمع على (أَفْعُل) لأنه وصفٌ، لكن لَمَّا تُنُوسِيَت الوصفيَّة فعُومِل مُعَاملة الأسماء صَحَّ جمعه على (أَفْعُل) وإلا هو خاصٌّ بالأسماء، غَلَبَت عليه الاسْميَّة.
إذاً: الثاني: ما أصله النسب، وكثر استعمال ما هي فيه حتى صار النسب منسيَّاً، مثَّلوا له بـ: مَهْرِي، فإنَّه في الأصل: منسوبٌ إلى: مَهْرَة وهي قبيلة: مَهْرِيٌّ، كما يُقال: قُرَشِي وبصري وبغدادي، ثُمَّ كثر استعماله حتى صار اسْماً للنجيب من الإبل، النجيب من الإبل صار يُسمَّى: مَهْرِي، والأصل فيه: أنَّه منقول، حينئذٍ عُومِل معاملة الأسماء المجرَّدة غير منسوبة إلى شيء، وإن كان في أصل الاستعمال هو بياء النسبة.
إذاً: (لِغَيْرِ ذِيْ نَسَبٍ جُدِّدَ) احترز بياء النسب المجدَّدة عن ياء نسبٍ في أصل الوضع، أو لا نقول: ياء نسب! نقول: ياءٍ مشابهة لياء النسب في أصل الوضع، أو ما كان أصلاً في النسب لكنَّه صار النسب مَنسيَّاً، اسْتُعْمِل استعمال الأسماء المحضة فصار عَلَماً، أو صار اسماً وَتُنُوسي فيه النسب.
وَاجْعَلْ فَعَالِيَّ لِغَيْرِ ذِيْ نَسَبْ ... جُدِّدَ. . . . . . . . . . . . . . . . .
قلنا: (لِغَيْرِ) هذا مُتعلِّق بقوله: (اجْعَلْ) وهو مضاف، و (ذِيْ) مضاف إليه وهو بمعنى: صاحب، وهو مضاف، و (نَسَبٍ) مضاف إليه، و (جُدِّدَ) أي: النسب، الجملة في محلِّ جر نعت لـ: (نَسَبْ)، واحترز به من نحو: تُرْكِي وَبَصْرِي وَبَغْدَادي وَمِصْرِي ونحو ذلك.
(كَالْكُرْسِيِّ) وَبُخْتِي وَقُمْرِي (تَتْبَعِ الْعَرَبْ)، (تَتْبَعِ) هذا مجزومٌ في جواب الأمر: اجْعَلْ .. تَتْبَعِ، إذا جعلت (فَعَالِيَّ) لِمَا ذُكِر (تَتْبَعِ الْعَرَبْ) كنت تابعاً للعرب، فهو مجزومٌ في جواب الطلب وجزمه سكونٌ مُقدَّر، و (الْعَرَبْ) مفعولٌ به.