(شَاعَ) يعني: كَثُر، والمراد به: أنَّه مُطَّرد، وإنَّما عبَّر بالشيوع عن الاطِّراد، لا يلزم من كونه شائعاً أن يكون مُطَّرداً، ومراده: أن يكون مُطَّرداً ولهذا يُنْتَقد هنا، قيل: كان الأحسن أن يقول:

كذاك نَحْوُ كَامِلٍ وَكَمَلَهْ ..

أمَّا (وَشَاعَ) قد يكون مسموعاً ولا يكون قياساً.

وَشَاعَ نَحْوُ كَامِلٍ وَكَمَلَهْ .. نحو ماذا؟

(وَشَاعَ نَحْوُ كَامِلٍ) فاعل لكنَّه صحيح اللام، نفس الأول لكنَّه صحيح اللام، يُجمع على وزن: (فَعَلَة) يُقال فيه: (كَمَلَهْ)، شمل الصحيح كـ: كامل، والمعتلَّ الفاء .. مُعتلَّ الفاء دخل فيه، لأنَّ الحكم في اللام، نحو: وارث نقول: ورَثَة، والمعتلَّ العين نحو: خائن .. خَوَنَة، والمضاعف نحو: بارٌّ .. بررة، وأمَّا مُعتلُّ اللام فهو كما سبق مضموم الفاء فيقال فيه: (فُعَلَهْ).

وَشَاعَ نَحْوُ كَامِلٍ وَكَمَلَهْ ..

قال الشَّارح هنا: ومنها (فَعَلَةٌ)، وهو مُطَّردٌ في وصفٍ على فاعلٍ صحيح اللام لمذكَّرٍ عاقل، نحو: كَامِل وكَمَله، وسَاحِر وَسَحَرَة، واستغنى المصنف عن ذكر القيود المذكورة بالتمثيل بِما اشتمل عليها وهو (رَامٍ) و (كَامِل) فخرج نحو: حَذِر، هذا وإن كان اسم فاعل قد يُستعمل كأصله صفة مشبَّهة، لكن قد يُستعمل ويُراد به اسم الفاعل، لكنَّه ليس داخل: حَذِر، خرج به، ووادٍ، وحائض، وسابق وصف فرس، ورامٍ، فلا يُجمع شيءٌ منها على: (فَعَلَة).

وشَذَّ: سيِّد وسادة، وخبيثٌ وَخَبَثة، وَبَرٌّ وبَرَرَة، وناعق ونَعَقَة كله شاذ، إذاً: ما لم يكن كذلك وَجُمِع على (فَعَلَه) نقول: هذا شاذٌّ يُحفظ ولا يُقاس عليه.

فَعْلَى لِوَصْفٍ كَقَتِيلٍ وَزَمِنْ ... وَهَالِكٍ، وَمَيِّتٌ بِهِ قَمِنْ

(فَعْلَى) مثل: سَكْرَى، وهذا قد يكون جمعاً (سَكْرَى) اسم مؤنَّث، (فَعْلَى) يعني: من أمثلة جمع الكثرة ما كان على وزن (فَعْلَى) بفتح الفاء وسكون العين مقصوراً، وهذا جمع (فَعْلَى)، وهو جمعٌ لوصفٍ كما قال النَّاظم: (فَعْلَى لِوَصْفٍ) .. (فَعْلَى) مبتدأ، و (لِوَصْفٍ) هذا خبر، لكنَّه على (فعيل) لأنَّه قال: (لِوَصْفٍ كَقَتِيلٍ) .. (فَعْلَى لِوَصْفٍ) لا اسمٍ، إذاً: خرج الاسم.

(لِوَصْفٍ) هذا عام، قال: (كَقَتِيل) يعني المراد به: اسم المفعول إذا كان (فَعِيل) بمعنى: مفعول، دَالٍّ على هلاكٍ أو توجع كـ: قتيل وقتلى، وجريح وجرحى، وأسير وأسرى.

الوصف كـ: قتيل، قال: (فَعْلَى لِوَصْفٍ كَقَتِيلٍ)، إذاً: لا بُدَّ أن يكون وصفاً لا اسْماً، ثُمَّ أن يكون (كَقَتِيلٍ) أشار به إلى شيئين: أن يكون (فَعِيل) بمعنى: مفعول، ثُمَّ فيه معنى القتل والتَّوجُّع والهلاك، فالمثال حينئذٍ يكون مقصوداً، كُلُّ ما كان على وزن (فَعِيل) وهو وصفٌ، وفيه معنى القتل والتَّوجُّع والهلاك كـ: أسير وجريح، نقول: هذا يُجمع على وزن (فَعْلَة).

وَيُحْمَل عليه ما أشبهه في المعنى، يعني: على (فَعِيل) ليس الحكم خاصَّاً بـ (فعيل)، بل كُلُّ ما دَلَّ على هلاكٍ أو توجُّع وفيه هذا المعنى العام يُحمل عليه، مثل: (فَعِل) كما مَثَّل النَّاظم قال: (وَزَمِنْ) فَعِل (زَمِنْ) مريض، هذا فيه هلاك وفيه توجُّع، فيقال: زَمْنَى، كما يقال: جرحى وقتلى وأسرى.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015