فيصدق على الرباعي والخماسي، لكنَّه قال: (مِنَ الثُّلاَثِي) لبيان (غَيْر)، بأنَّ المراد هنا ما لم يَطَّرد فيه (أَفْعُل) فلا يدخل معنى الرباعي، وإنَّما المراد بالثلاثي فحسب، لأنَّ الذي لا يَطَّرد فيه (أَفْعُل) إمَّا أن يكون ثلاثياً لفقد شرطٍ من الشُّروط السابقة، وإمَّا لكونه رباعياً فما زاد، وهنا الذي يُجمع على وزن (أَفْعَال) ما تَخلَّف عنه شرطٌ من شروط (أَفْعُل) مع كونه ثلاثياً، وأمَّا الرباعي فليس بِمرادٍ هنا.
إذا: الأولى أن نقول: (مِنَ الثُّلاَثِي) هذا بيانٌ لـ (غَيْر)، لو قلت: ما أَفْعُل فيه مُطَّردٌ حال كونه من الثلاثي .. حالٌ من فاعل مُطرِّد، هذا فيه إشكال.
وَغَيْرُ مَا أَفْعُلُ فِيهِ مُطَّرِدْ ... مِنَ الثُّلاَثِي اسْماً بِأَفْعَالٍ يَرِدْ
يعني: يرد بأفعالٍ، (أَفْعَال) جمعٌ لكل اسمٍ ثلاثي ليس على (فَعْلٍ) مِمَّا هو صحيح العين.
وَغَالِباً أَغْنَاهُمُ فِعْلاَنُ ... فِي فُعَلٍ. . . . . . . . . . . . . . .
لَمَّا قال: (وَغَيْرُ مَا أَفْعُلُ فِيهِ مُطَّرِدْ) قلنا: كل ما تغيَّر (فَعَل) منه (فُعَل)، كـ: صُرَد، حينئذٍ قد يُفهم أن (أَفْعَال) هو المُطَّرد فيه، نقول: نعم، يُجمع على (أَفْعَال) لكن ثَمَّ وزنٌ آخر هو أغلب فيه، ما كان على وزن (فُعَل) لأنَّه دخل في قوله:
وَغَيْرُ مَا أَفْعُلُ فِيهِ مُطَّرِدْ ..
(وَغَالِباً) يعني: في الغالب، لَمَّا دخل في سابقه فُعَل، وكان الغالب في جمعه على غير (أَفْعَال) استثناه النَّاظم، كالاستدراك مِمَّا سبق، لأنَّ (فُعَل) مِمَّا لم يَطَّرد فيه (أَفْعُل) فشمله فأراد أن يستثني، (وَغَالِباً أَغْنَاهُمُ) يعني: أغنى العرب، (فِعْلاَنُ) هذا الوزن (فِي فُعَلٍ) كَقَولِهِمْ في صُرَدٍ: (صِرْدَانُ)، ولم يقولوا: أصراد على وزن (أفعال)، مع كونه تَخلَّف عنه شرط (أَفْعُل)، نقول: هذا استثناء .. استدراك، يعني: أنَّ الغالب في (فُعَل) نحو: صُرَد، أنْ يجيء جمعه على (فِعْلان) بكسر الفاء نحو: صُرَد وصردان، للطائر.
(وَغَالِباً) هذا منصوبٌ بنزع الخافض، (أَغْنَاهُمُ) (أَغْنَا) فعل ماضي، و (فِعْلاَنُ) هذا فاعل، و (هُم) الهاء ضمير مُتَّصل مبني على الضَّم في محل نصب مفعول به، (فِي فُعَلٍ) جار ومجرور مُتعلِّق بقوله: (أَغْنَا)، (كَقَولِهِمْ) وذلك كقولهم: (صِرْدَانُ) .. كقولهم في (صُرَدٍ): (صِرْدَانُ)، وفي (جُرَذٍ): جِرْذَان، للفأر، (صِرْدَانُ) اسم طائر .. (صُرَدْ) يُجمع على: (صِرْدَانُ) فعلان، لا على (أَفْعَال).
إذاً: هذا استثناءٌ من قوله:
وَغَيْرُ مَا أَفْعُلُ فِيهِ مُطَّرِدْ ... مِنَ الثُّلاَثِي اسْماً. . . . . . . . . . . .
قلنا: (مِنَ الثُّلاَثِي) احترز به من الغير الذي يكون رباعياً فأكثر، و (اسْماً) قيل: احترز به عن الوصف، كـ: ضَخْمٍ وحسن، فإنه لا يُجمع على هذا الوزن (أَفْعَال) وسيأتي أنَّه يُجمع على (فِعَال) ومن نحو: بطل وبلس فإنهما لا يُجمعان على (أَفْعَال).
وقوله: (غَالِباً) .. أشار إليه بقوله: (غَالِباً) إلى ما شذَّ من ذلك نحو: رُطَب وأرطاب، لذلك قلنا: هذا شاذٌّ عند بعضهم.