إذاً معنى البيت: أنَّه يَمتنع في هذين الاسْمين وما أشبههما الإتباع فلا يقال في (ذِرْوَة): ذِرِوَات، ولا في (زُبْيَة): زُبُيَات، لِثِقَل الواو بعد الكسرة والياء بعد الضَّمَّة، وَفُهِم من قوله: (وَمَنَعوا إِتْبَاع) أنَّه يجوز الإسكان والفتح في نحو: ذِرْوَة وَزُبْيَة، إذ لم يَتعرَّض لمنع غير الإتباع.
(مَنَعُوا إِتْبَاع) (مَنَعُوا) فعل فاعل، و (إِتْبَاعَ) هذا مفعولٌ به وهو مضاف، و (نَحْوِ) مضاف إليه من إضافة المصدر إلى مفعوله، و (ذِرْوَة) مضاف إليه، و (وَزُبْيَةٍ) معطوفٌ عليه، (وَشَذَّ كَسْرُ جِرْوَة) يعني: كسر جمع (جِرْوَة)، (كَسْرُ) فاعل (شَذَّ).
قال الشَّارح هنا: " يعني أنَّه إذا كان المؤنَّث المذكور مكسور الفاء وكانت لامه واواً، فإنه يمتنع فيه إتباع العين للفاء، فلا يُقال في (ذِرْوَةٍ): ذِرِوَات بكسر الفاء والعين استثقالاً للكسرة قبل الواو، بل يجب فتح العين أو تسكينها، فتقول: ذِرَوَات أو ذِرْوَات، وشذَّ قولهم: جِرِوَات، بكسر الفاء والعين.
وكذلك لا يَجوز الإتباع إذا كانت الفاء مضمومةً واللام ياءً نحو: زُبْيِة، فلا تقل: زُبُيَات بَضَمِّ الفاء والعين استثقالاً للضَّمَّة قبل الياء، بل يَجب الفتح أو التَّسكين فتقول: زُبَيَات أو زُبْيَات ".
وَنَادِرٌ أَوْ ذُو اضْطِرَارٍ غَيِرُ مَا ... قَدَّمْتُهُ أَوْ لأُنَاسٍ انْتَمَا
(غَيِرُ مَا قَدَّمْتُه) لك من القواعد العامة السَّابقة .. (غَيِرُ مَا قَدَّمْتُهُ َنَادِرٌ)، (أَوْ ذُو اضْطِرَارٍ) (أَوْ لأُنَاسٍ انْتَمَا)، إذا جاء شيءٌ سُمِع في لسان العرب مُخالف للقواعد السابقة فهو نادر .. قليل، والنادر لا حُكم له.
(أَوْ ذُو اضْطِرَارٍ) في الشِّعْر، (أَوْ لأُنَاسٍ انْتَما) لغة، يعني: لغة قومٍ وليست هي الشائعة في لسان العرب، (غَيِرُ مَا قَدَّمْتُهُ) (غَيِرُ) هذا مبتدأ وهو مضاف، و (مَا قَدَّمْتُهُ) مضافٌ إليه، (قَدَّمْتُهُ) فاعل فاعل ومفعولٌ به، والجملة لا محل لها من الإعراب صلة الموصول، (نَادِرٌ) خبر مُقدَّم، (أَوْ ذُو اضْطِرَارٍ) معطوفٌ إليه.
(أَوْ لأُنَاسٍ) أو انتمى لأناسٍ (لأُنَاسٍ) مُتعلِّق بقوله: (انْتَمَا)، وهو معطوفٌ على قوله: (نَادِرٌ)، وهنا انْتَمَا .. (نَادِرٌ أَوْ ذُو اضْطِرَارٍ أَوْ انْتَمَا لأُنَاسٍ) عطف (انْتَمَا) على (نَادِرْ)، إمَّا لكون الثاني منتمىٍ أو (نَادِر) بمعنى: يندر، أوِّل هذا أو ذاك.
وهنا فيه تَوسُّط المبتدأ بين الأَخبار، (غير ما قدَّمته نادرٌ) يعني: أنَّه إذا جاء جمع هذا المؤنَّث على خلاف ما ذُكِر عُدَّ نادراً، أو ضرورةً، أو لغةً لقومٍ .. واحد من ثلاث، فالأول كقولهم في (جِرْوة): جِرِوَات بكسر الفاء والعين، هذا نادر فلا يُقاس عليه، ومن النادر قول بعضهم: (كَهَلَات) بالفتح جمع: كَهْلَة، وهي التي جاوزت ثلاثين سنة، وقياسه الإسكان: كَهْلَات لا كَهَلَات، لأنَّه صفة ولا يُقاس عليه غيره، (كَهَلَات) بالإتباع نقول: هذا صفة، وهناك مضى أنَّه لا بُدَّ أن يكون اسماً احترازاً من الصفة.
فلا يقال: ضَخَمَات، إنما يُقال: ضَخْمَات، هنا: كَهْلَات، سُمِع: كَهَلَات، هذا نادرٌ لأنَّه صفة، والثاني الذي هو: الضرورة كقوله: