وفي كلامه حذفُ العائد المجرور مع عدم مُماثلة جارِّه لجارِّ الموصول معنىً ومتعلَّقاً وهو نادر، كأنه قيل: بأنَّه شاذ كما سبق .. ابن عقيل، لكنَّه نادر، على كُلٍّ قد يُقال: بأنَّه ضرورة هنا.
إِنْ سَاكِنَ الْعَيْنِ مُؤَنَّثَاً بَدَا ..
إن (بَدَا): إن ظهر، هذا فعل الشَّرط، إن (بَدَا) يعني: (سَّالِمَ الْعَينِ الثُّلاَثِي اسْماً) إن بدا وظهر، (سَاكِنَ الْعَيْنِ) هذا حالٌ من الضمير المستتر في (بَدَا) بمعنى: ظهر، (مُؤَنَّثَاً) هذا حالٌ ثانية، وهو قيدٌ في جواز الجمع بألفٍ وتاء، لا قيد في جواز الإتباع، وهذا أحسن.
(إِنْ سَاكِنَ الْعَيْنِ) هذه حالٌ أولى، (مُؤَنَّثَاً) هذا حالٌ ثانية، (مُخْتَتَمَاً) هذه حالٌ ثالثة، (بِالتَّاءِ) مُتعلِّق بقوله: (مُخْتَتَمَاً)، (أَوْ مُجَرَّدَا) (أَوْ) للتَّنويع، (مُجَرَّدَا) معطوفٌ على (مُخْتَتَمَاً)، إذاً: بهذه الشُّروط الخمسة يجوز إتباع العين للفاء: إن كانت مضمومة ضُمَّت العين، إن كانت مفتوحة فُتِحَت العين، إن كانت مكسورة كُسِرت العين، هذه لغة واحدة، وبقي لغتان.
قال:
وَسَكِّنِ التَّالِيَ غَيْرَ الْفَتْحِ أَوْ ... خَفِّفْهُ بِالفَتْحِ. . . . . . . . . . . . .
(التَّالِيَ غَيْرَ الْفَتْحِ) قلنا: الفاء إمَّا أن تكون مضمومة أو مفتوحة أو مكسورة، قال: (تالِيَ غَيْرَ الْفَتْحِ) ما هو؟ المكسور أو المضموم، قال: سكِّنه، أَوْ خَفِّفْهُ بِالفَتْحِ ..
(هِنْد) قلنا: هِنْد نقول: هِنِدَات، هِنِدَات هذا أشار إليه بقوله السابق في البيتين اللتين انتهينا منها، قال لك في مثل: هِنِدَات سَكِّنه فقل: هِنْدَاتٌ، أَوْ خَفِّفْهُ بِالفَتْحِ فقل: هِنَدَاتٌ.
إذاً: فيه ثلاث لغات: التسكين، والإتباع، والفتح.
هذا الكسر، بقي الضَّم: غُرْفَة .. غُرُفَات، هذا الإتباع .. من البيتين الأولين، قال: سَكِّنِ: غُرْفَات .. غُرَفَات، هذا تخفيفٌ بالفتح.
بقي: حَفْنَة .. حَفَنَات، لا يجوز فيه الإسكان ولا الفتح، ولذلك قال: (وَسَكِّنِ) هذا أمر، (التَّالِيَ غَيْرَ الْفَتْحِ) يعني: العين الذي تلا (غَيْرَ الْفَتْحِ) بأن تلا ضمَّاً أو كسراً سكِّنه، (أَوْ خَفِّفْهُ بِالفَتْحِ) جاز فيه لغتان .. وجهان مع الإتباع، فهذه ثلاثة أوجه.
(فَكُلاًّ قَدْ رَوَوْا) يعني: هذه الأوجه الثلاثة كُلها مروية عن العرب وليست باجتهادٍ.
وَسَكِّنِ التَّالِيَ غَيْرَ الْفَتْحِ أَوْ ... خَفِّفْهُ بِالفَتْحِ. . . . . . . . . . . . .
أي: يَجوز في العين بعد الفاء المضمومة أو المكسرة وجهان مع الإتباع، يَجوز في العين بعد الفاء (التَّالِيَ غَيْرَ الْفَتْحِ) (التَّالِيَ) المقصود به: تالي العين نفسه، في العين بعد الفاء المضمومة أو المكسورة وجهان مع الإتباع وهما: الإسكان والفتح.
ففي نَحو: سِدْرَة وَهِنْد، من مكسور الفاء: وَغُرْفَه، وَجُمْلٍ من مضمومها ثلاث لغات: الإتباع والإسكان والفتح، ومعنى البيت: أنَّه يَجوز فيما كانت عينه تاليةً غير الفتح وجهان زائدان على الإتباع وهما: السكون والفتح.