وأما على مذهب الكوفيين: هم وافقوا البصريين في أن (إذا) لا يليها إلا الفعل، لكن لقاعدتهم: أن الفاعل يجوز تقديمه على الفعل جوزوا أن يعرب (الشمس) هنا فاعلاً، ((إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ)) [التكوير:1] إذاً: الشمس على مذهب البصريين ما إعرابها؟ فاعل لفعل محذوف وجوباً تقديره: كُوِّرَ، لا ليس فاعلاً، نائب فاعل، كور الشيء: هذا مغير الصيغة، فحينئذٍ: كورت الشمس، نقول: الشمس نائب فاعل، والفعل العامل فيه محذوف وجوباً يفسره العامل المذكور ولا يجوز جمعهما، والمحذوف هذا في محل جزم فعل الشرط، وكورت: الجملة كما ذكرنا آنفاً لا محل لها من الإعراب مفسراً.
أما عند الكوفيين: فالشمس هذا فاعل للفعل المذكور مقدم عليه، وهذا ضعيف كما سيأتي في محله.
إذاً: إِذَا بِمُضَمَرٍ بِمُضمرِ، نقول: جار ومجرور متعلق بمحذوفٍ واجب الحذف، والأولى ألا يجعل متعلقاً بالمذكور، إِذَا بِمُضَمَرٍ، نقول: متعلق بوُصِلاَ مقدرةً لدلالة وصل المذكورة؛ لأن أداة الشرط لا يليها إلا فعل ظاهراً كان أو مقدراً، إذا بمضمر حال كونه مضافاً، مضافاً .. إعرابه: حال، حال من الضمير المستتر في وُصل العائد إلى (كلا) وهي حالٌ مؤسسة، يعني: كأنه قال: (إذا) و (كلا) إذا وصلا بمضمر حال كونه مضافاً، فمضافاً: حالٌ من الضمير المستتر في (وصل) المحذوف، وهو عائد على (كلا).
بِمُضَمَرٍ مُضَافاً، أي: حال كونه .. حينئذٍ مضافاً: حالٌ من الضمير المستتر في (وصل) العائد إلى (كلا) مؤسسةً، احترز به عما إذا اتصلت بالضمير غير مضافةٍ إليه، نحو: زيدٌ وعمروٌ كلاهما الرجلين؛ لأن الاتصال يشمل القبل والبعد.
على كلٍ: مضافاً له: الضمير يعود إلى .. -ليس عندنا ضمير لكنه من باب الإيضاح-، قلنا: التقدير نوعان: تقدير إعراب وتقدير بيان، قدرنا: إذا وُصِلا، هذا من أجل الإعراب، مضافاً له لا بد منه، والضمير هنا يعود إلى (كلا) يعني: لا بد أن يكون إذا بمضمرٍ مضاف وُصِلا، إذا وُصلا بمضمر مضافاً له، يعني: (لكلا) ووصل هذا مغير الصيغة، ونائبه يعود إلى كلا، والجملة لا محل لها من الإعراب مفسرة، الفعل ونائبه وصلا، نقول: هذا لا محل له من الإعراب؛ لأنها مفسرة، مفسرة لماذا؟ للفعل الذي أضمر بعد (إذا).
إذاً: و (كلا) إذا بمضمر مضافاً وُصِلا، حينئذٍ نقول: جاز أن .. ماذا؟ إذا وُصِلت بالضمير جاز أن تلحق بالمثنى، ولذلك قال: و (كلا) أي: وارفع بالألف (كلا) إذا وُصلا بمضمرٍ كال كونه مضافاً إلى ذلك المضمر حملاً على المثنى الحقيقي، مضافاً له .. عفواً! أنا قلت: مضافاً له الضمير يعود إلى (كلا).
الصواب: أنه يعود إلى الضمير.
كِلْتَا كَذَاكَ، يعني: (كلتا) هذا مبتدأ، (كذاك) أي: مثل (كلا) إِذَا بِمُضَمَرٍ مُضَافاً وُصِلاَ، إذاً: (كلا) و (كلتا) ملحقان بالمثنى إذا أضيفا إلى ضمير، مفهومه: إذا لم يضافا إلى ضمير فحينئذٍ إعرابهما على الأصل، وهو بالحركات المقدرة، فـ (كلا) و (كلتا) نقول: ملحقان بالمثنى، متى؟ إذا أضيفا إلى مضمرٍ، جاءني كلاهما، ورأيت كليهما، ومررت بكليهما، وجاءتني كلتاهما، ورأيت كلتيهما، ومررت بكلتيهما، هنا أضيفا إلى الضمير فألحقا بالمثنى رفعاً ونصباً وجراً.