وعطف مثله عليه: خرج ماذا؟ ما صلح للتجريد، لكن لا يعطف عليه مثله، وإنما مغاير له، مثل ماذا؟ قمران، قمر وقمر ليس عندنا قمر ثاني إلا مجازاً، أما حقيقةً ليس عندنا قمران ولا شمسان، فنقول: قمران، هذا ملحق بالمثنى وليس بمثنى؛ لأنه من باب التغليب، إذاً: هو دل على اثنين وبزيادة في آخره، وصالح للتجريد قمر، وعطف مغاير له عليه لا مثله، فحينئذٍ نقول: قمرٌ وشمسٌ، من باب التغليب، إذاً: عطف عليه مغاير له، والشرط في المثنى: أن يكون مغايراً للمعطوف عليه، وهذا ينطبق على الزيدان، زيدان، أصله: زيد وزيد، جاء زيد وزيد، هذا أصل التركيب.
وقاعدة العرب الاختصار، وما وضع الضمير ولا المثنى ولا الجمع إلا من أجل الاختصار في لسان العرب، والسيوطي له كلام في هذه القاعدة جيد في: الأشباه والنظائر، وله أمثلة كثيرة جداً، الاختصار .. أصل الكلام تقول: جاء زيد وزيد، كلما رأيت اثنين جاء زيد وزيد، راح محمد ومحمد، لكن اختصاراً تقول: جاء محمدان، هذا اختصار، والجمع مثله إذا كانوا عشرة جاء زيد وزيد .. كلما تريد أن تذكر العشرة تقول: جاء زيد وزيد إلى آخره! لكن إذا اختصرت تقول: جاء الزيدون، هذا من باب الاختصار، وإلا الأصل أن يعطف كل واحد من آحاده على نظيره، ولكن القاعدة التي ذكرناها.
إذاً: ينطبق على الزيدان: زيد وزيد، الزيدان: اسم معرب دل على اثنين بزيادةٍ في آخره، وهي الألف والنون وصالح للتجريد بأن يقال: زيد وعطف مثله عليه: زيد وزيد، وأما: زوج وشفع وكلا وكلتا واثنان واثنتان، وما سمي به منه، فهذا ليس بمثنى.
وعلى جهة التأصيل والتقعيد نقول: ليس من المثنى ستة أمور:
أولاً: ما يدل على مفرد كسكران وعثمان، هذا دل على مفرد.
ثانياً: ما يدل على أكثر من اثنين، كالجمع واسم الجمع.
ثالثاً: ما يدل على اثنين، ولكنهما مختلفان في لفظيهما مثل الأبوين، للأب والأم، هذا ليس بمثنى.
أو مختلفان في حركات أحرفهما كالعمرين لعمر وعمرو، هذا لم يعطف عليه مثله، لا بد أن يكون ثم اتحاد في الحركات، أو مختلفان في المعنى دون الحروف كالعينين: عين باصرة وعين جاسوس، تقول: عندي عينان، هذا سيأتي معنا: أنه هل يثنى اللفظ المشترك أم لا؟ الجمهور على المنع، ومثله المجاز، عندك أسد حقيقي وأسد شجاع رجل، تقول: عندي أسدان، يصح أو لا يصح؟ الجمهور على المنع، لماذا؟ لأن أسد الذي هو مجاز على الرجل الشجاع مغاير في المعنى، على الأسد الذي هو الحيوان المفترس، إذاً: كالعينين، نقول: هذا ملحق بالمثنى.
رابعاً: ما يدل على اثنين متفقين في المعنى والحروف وحركاتها، ولكن من طريق العطف بالواو لا من طريق الزيادة، تقول: أضاء نجمٌ ونجمٌ، لو قال قائل: جاء زيد وزيد، يمنع؟ كَلامُنَا لَفْظٌ مُفِيدٌ يصدق عليه؟ يصدق عليه، إذاً: لا يمنع، لكن إذا قال: جاء زيدٌ وزيدٌ، وأضاء نجمٌ ونجمٌ، هل نقول: نجمٌ ونجمٌ مثنى؟ الجواب: لا؛ لأنه عطف عليه مثله صراحةً، والأصل في الزيدان أن يعطف عليه ضمناً، يعني: هذا في قوة زيد وزيد، أخرج الصريح جاء زيد وزيد، فرق بين الضمن والصريح.
خامساً: ما يدل على اثنين ولكن من طريق الوضع اللغوي، كالزوج وشفع وكلا.