رأيت رجلاً .. أيًّا؟ (أيًّا) هذا مبتدأ مرفوع، ورفعه ضَمَّة مُقدَّرة على آخره، منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة الحكاية، أيٌّ هو؟ مررت برجلٍ .. أيٍّ؟ (أيٍّ) مبتدأ مرفوع، ورفعه ضَمَّة مُقدَّرة على آخره، منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة الحكاية، لأنَّ هذه الكسرة الموجودة هنا، و (أيًّا) الفتحة، و (أيٌّ) الضَّمَّة، هي محاكاة، نحن نقول: باب الحكاية، حاكيت ذلك اللفظ، قلنا: تذكيراً، وإفراداً، وتأنيثاً، وتثنيةً، وجمعاً، حِينئذٍ يلزم منه أن تكون الحركة كذلك مَحكيَّة، فيبقى في اللفظ (أيّ) ونحوه أن يكون الحركة هي حركة المسئول عنه، ثُم هو يَحتاج إلى إعرابٍ فيكون مبتدأ وخبره محذوف، سواءٌ كان مرفوعاً أو منصوباً أو مخفوضاً فهو مبتدأ، والحركة مُقدَّرة، والخبر محذوف مطلقاً في جميع ما ذكرناه.

وقيل: الحركة والحرف في حالة الرَّفع أعرابٌ، وفي حالتي النَّصب والجر حركة حكاية وحرف حكاية. هذا فيه تضعيف، الصواب: أنَّه يُقال بأنَّها حركة حكاية وليست بحركة إعرابٍ، وكذلك الحرف حرف حكاية وليس حرف إعراب، يعني: (أيَّان) لو قال: جاء رجلان، فقال: أيَّان؟ نقول: (أيَّان) هذا مبتدأ مرفوع ورفعه الألف المقدَّرة، منع من ظهورها اشتغال المحل بحرف الحكاية، لأنَّ قوله: رجلان، مرفوعٌ بالألف .. حكيت الألف نفسها، الألف الموجودة في (أيَّان) هي التي موجودة في (رجلان) فالألف هذه مَحكيَّة وليست حرف إعراب، حِينئذٍ تُقدِّر حرف الإعراب عليه، كذلك: (أيُّون) و (أيَّاتٍ).

إذاً:

احْكِ بِأَيٍّ مَا لِمَنْكُورٍ سُئِلْ ... عَنْهُ بِهَا فِي الْوَقْفِ أَوْ حِينَ تَصِلْ

ثُم انتقل إلى النوع الثاني وهو المحكي بـ: (مَنْ) قال: (وَوَقْفاً احْكِ) ووقفاً لا وصلاً، أخرج الوصل، وهذا من الفوارق بين (مَنْ) و (أَيٍّ): أنَّ (أَيًّا) يُحكى بها في الوقف والوصل مطلقاً، وأمَّا (مَنْ) فقال: (وَقْفاً احْكِ) يعني: لا وصلاً، فقدَّم هنا المفعول، أو الحال: احْكِ حال كونك واقفاً لا واصلاً، حِينئذٍ قَدَّمه من أجل الحصر.

(وَوَقْفاً) هذا حالٌ من مفعول: (احْكِ) احْكِ أنْتَ حال كونك واقفاً.

(مَا لِمَنْكُوْرٍ) .. (مَا) مفعول (احْكِ مَا) مفعول .. ثبت لمنكورٍ، أي: منكورٍ مذكور، فاشترط هنا أن يكون نكرة مع كون (مَنْ) هذه معرفة.

(احْكِ مَا لِمَنْكُوْرٍ بِمَنْ) هذا مُتعلِّق بقوله: (احْكِ) حِينئذٍ تكون الحكاية بـ: (مَنْ) كما تكون الحكاية بـ: (أَيٍّ)، لكن (أيًّا) تكون الحكاية بها وصلاً ووقفاً، وأمَّا (مَنْ) فتكون في الوقف دون الوصل.

قوله: (لِمَنْكُوْرٍ) أي: منكورٍ مذكور، وإنما اشتُرِط في لحاق العلامة المذكورة بـ: (مَنْ) كونها سؤالاً عن نكرة، لأنَّ المعارف إذا استفهم بـ: (مَنْ) عنها ذُكِرَت بعد (مَنْ) غالباً، إمَّا مَحكيَّة أو غير مَحكيَّة، لأنَّ الاستفهام عن المعارف ليس في الكثرة مثل الاستفهام عن النَّكرات، فلم يُطلب التخفيف بحذف المسئول عنه كما في النَّكرات.

إذاً: خُصِّصَ أنْ يكون المسئول عنه في (مَنْ) هو النَّكرة، وهذا كالشَّأن في (أَيٍّ) فهما يتفقان من هذه الحيثيَّة.

وَوَقْفاً احْكِ مَا لِمَنْكُوْرٍ بِمَنْ ... وَالنُّونَ حَرِّكْ مُطْلَقَاً وَأَشْبِعَنّْ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015