وإن وليها فعلٌ مُتعدٍّ ولم يأخذ مفعوله فهي مفعول، هذا مثل (مَنْ) الشَّرطيَّة هناك .. أسماء الشَّرط، إذا تلاها فعلٌ مُتعدٍّ ولم يستوفِ مفعوله فـ (كَمْ) مفعولٌ به، تجعلها في محل نصب مفعولٌ به، مثل: كم رجلٍ ضربت؟ إذاً: لم يستوفِ مفعوله، حينئذٍ تقول: (كَمْ) الاستفهامية مبنية على السكون في محل نصب مفعول به، لأنَّ الذي تلاها لم يستوفِ مفعوله، والمراد بالمفعول: ما يشمل المفعول الواحد والأكثر، ليدخل نحو: كم تعطي زيداً درهماً؟ فتكون مفعول ثاني، كم تعطي زيداً درهماً؟ (زيداً) هذا المفعول الأول، أين مفعوله الثاني؟ (كَمْ) هي المفعول الثاني، كم تعطي زيداً درهماً؟ فـ (كَمْ) هذه في محل نصب مفعول ثاني.
إذاً: إذا كان تالياً لها فعلٌ مُتعدٍّ لم يستوفِ مفعوله كانت (كَمْ) هي المفعول، سواءٌ كانت المفعول الوحيد إذا لم يَتعدَّ إلا لواحد، أو كانت المفعول الثاني.
وإن أخذه، يعني: استوفى مفعوله مثل: كم رجلٍ ضرب زيدٌ عمراً عنده؟ أخذ مفعوله، حينئذٍ: نعربها مبتدأ.
إلا أنْ يكون المفعول ضميراً يعود عليها، حينئذٍ تكون من باب الاشتغال، يَجوز فيه الرَّفع على الابتداء والنصب، والرَّفع أرجح، نَحو: كم رجلٍ ضَرَبْتُه .. ضَرَبْتَه؟ بالفتح أو الضَّمْ، هنا (ضَرَبْتُه) اتّصل بضمير وعمل فيه، لو ألقي هذا الضمير .. أُسقط لتسلَّط (ضَرَب) على (كَمْ) فصارت من النوع السابق، الذي تلاها فعل مُتعدي لم يستوفِ مفعوله، فصارت في محل نصب مفعول به.
إذاً: هذه إحدى عَشْرة صورة، ثنتان للجر، وهما: إذا أُضِيفت (كَمْ) .. غلام (كَمْ) أو دخل عليها حرف جر، وثلاثٌ للنصب، وخمسٌ للرَّفع، وواحدة مُحتملة للرَّفع والنصب، والأمثلة كما سبق.
إذاً: يتفقان في الإعراب من كل وجه، الأحكام السابقة إحدى عشرة صورة كلها تصدق على الخبرية والاستفهامية.
مِمَّا يتفقان عليه أيضاً: تمييز كُلٍّ منهما لا يكون منفياً، لا يصح أن يُقال: كم لا رجلاً جاءك؟
الأخير مِمَّا يتفقان عليه: أنَّ كُلَّاً منهما بسيطٌ غير مُركَّب (كَمْ) الاستفهامية و (كَمْ) الخبرية، هذه تسعة أمور يتفقان الخبرية والاستفهامية.
ويفترقان في ثمانية:
في أنَّ تمييز الاستفهامية أصله: النصب، لا نقول: لا يكون منصوباً .. انتبه! نقول: أصله النَّصب، وتمييز الخبرية أصله: الجر، - تكلَّم عن الأصل - وفي أنَّ تمييز الاستفهامية مُفرد، وتمييز الخبرية يكون مفرداً وجمعاً، هذا بلا خلاف، وأمَّا الاستفهامية فمحل خلاف، قلنا: البصريون على أنَّه يَتعيَّن أن يكون مفرداً، وجَوَّز الكوفيون أن يكون جمعاً.
وفي أنَّ الفصل بين الاستفهامية وبين مُميِّزها جائزٌ في السَّعة، تقول: كم في دارك رجلاً؟ هذا جائزٌ في السَّعة في (كَمْ) الاستفهامية - لم نذكره هذا -، ولا يُفصل بين الخبرية ومُميِّزها إلا في الضرورة، إذاً: فرقٌ بين الاستفهامية والخبرية من حيث الفصل، فالاستفهاميَّة: يَجوز فصل التمييز عنها، فتقول: كم في دارك رجلاً؟ جاز، وأمَّا الخبرية فلا يجوز.