نحو: لبثت بضعة أعوامٍ، (عام) مُذكَّر، (بضعة) بالتأنيث: وبضع سنين، بدون تاء (سنين) جمع سنة، حينئذٍ يُذكَّر له العدد: وعندي بضعة عشر غلاماً، بعد التركيب تُعامِله مُعاملة ثلاثة عشر، وبضع عشرة أمة (بضع) بدون تاء، وبضعة وعشرون كتاباً، (بضعةٌ) بالتأنيث، لأنَّ (كتاباً) المُميِّز مذكَّر، وبضعٌ وعشرون صحيفة.
إذاً: لبضعة وبضعٍ حكم التِّسعة والتسعٍ، في الإفراد يُذكر مع المؤنث، ويؤنث مع المذكر فيضاف قبل التركيب، ثُمَّ إذا رُكِّب فالحال نفسه، وكذلك يُعامل مُعاملة المعطوف والمعطوف عليه مع ثلاثٍ وعشرين.
قال الشَّارح: " يجوز في الأعداد المركبة إضافتها إلى غير مُميِّزها ما عدا اثني عشر".
إذاً:
وَإِنْ أُضِيفَ عَدَدٌ مُرَكَّبُ ..
يُشترط ألا يُضاف إلى تمييزه، بل يُضاف إلى غيره.
ما عدا اثني عشر فإنَّه لا يضاف، فلا يُقال: اثنا عَشْرِك، وإذا أُضيف العدد المُركَّب فمذهب البصريين أنَّه يجب بقاء الجزئيين على بنائهما، فتقول: هذه خمسة عَشْرَك، ومررت بخمسة عَشْرَك، بفتح آخر الجزئيين، وقد يُعرب العَجُز مع بقاء الصَّدْر على بنائه، هذا أجازه سيبويه، فتقول: هذه خمسة عَشْرِك، ورأيت خمسة عَشْرِك، ومررت بخمسة عَشْرِك، وقلنا: أجاز الكوفيون إعرابه إعراب عبد الله فيكون مُعرباً، والأول يُعامل على حسب ما تقتضيه العوامل ويكون مضافاً إلى ما بعده ويكون ملازماً للخفض بالكسر.
وَصُغْ مِنِ اثْنَيْنِ فَمَا فَوْقُ إِلَى ... عَشَرَةٍ كَفَاعِلٍ مِنْ فَعَلاَ
وَاخْتِمْهُ فِي التَّأْنِيثِ بِالتَّا وَمَتَى ... ذَكَّرْتَ فَاذْكُرْ فَاعِلاً بِغَيْرِ تَا
هذا شروعٌ منه في الإتيان بأسماء العدد على صيغة فاعل، نقول: ثالث ورابع وخامس وعاشر إلى آخره.
وَصُغْ مِنِ اثْنَيْنِ فَمَا فَوْقُ ..
(صُغْ) يعني: اشتق وخذ، (مِنِ اثْنَيْنِ) من لفظ اثنين، فُهِم منه أنَّه عَلَّق الحكم على الاثنين (فَمَا فَوْقُ) فالواحد لا يُقال بأنَّه مشتقٌّ من الوحدة، لأنَّه مأخوذٌ على زنة فاعل بل هو مسموعٌ هكذا وضع .. وضع وضعاً أولياً على زنة فاعل، وأمَّا ما أراده النَّاظم إنَّما يبدأ من اثنين.
(وَصُغْ مِنِ اثْنَيْنِ فَمَا فَوْقُ) الفاء عاطفة هذه، إذاً قوله: (مِنِ اثْنَيْنِ) فُهِم منه أنَّ اسم الفاعل المذكور لا يُصاغ من أحدٍ، (فَمَا فَوْقُ) الفاء عاطفة .. حرف عطف، و (مَا) هذه معطوفة وهي موصولة واقعةٌ على العدد الفائق اثنين، (فَمَا فَوْقُ) فعددٌ فوق اثنين.
(فَمَا فَوْقُ) هنا حذف المضاف إليه ونوي معناه، يعني: فما فوقه، وبعضهم قَدَّره (فما فوقها) الظاهر: بالتذكير، فما فوقه يعني: فوق الاثنين، فوق الاثنين هل له غاية أم لا؟ قال: نعم، (إِلَى عَشَرَةٍ) وصفاً صُغ من اثنين فما فوقه من الأعداد إلى العشرة، (إِلَى) هذا بيانٌ للغاية، وقوله: (إِلَى عَشَرَةٍ) مُتعلِّق بقوله: (صُغْ)، صغ ماذا؟ قال: (كَفَاعِلٍ) (فَاعِلٍ) هذا صفةٌ لموصوفٍ محذوف هو مفعولٌ لـ (صُغْ).