المركب ما المقصود به؟ قال: (وَمَيَّزُوا مُرَكَّباً) (مُرَكَّباً) يعني: أحد عشر إلى تسعة عشر، مَيَّزوه بما (مُيِّزَ) به (عِشْرُونَ)، والذي (مُيِّزَ) به (عِشْرُونَ): واحد لا جمع .. مُنَكَّر لا معرفة .. منصوبٌ لا مخفوض ولا مرفوع.

إذاً: ((أحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا)) [يوسف:4] أحد عشر رجلاً (رجلاً) تأتي به مفرد ومنصوب وهو نكرة، (وَمَيَّزُوا) أي: العرب (مُرَكَّباً) مفعولٌ به، لأنَّه الذي وقع عليه التمييز، (مَيَّزُوا مُرَكَّباً) شَمل أحد عشر وتسعة عشر وما بينهما، فإذا أُطلق المركَّب في العدد انصرف إلى هذا النوع، ولذلك سبق أنَّ الأقسام رباعية:

مركَّبة: يُطلق على الأحد عشر إلى التسعة عشر.

(بِمِثْلِ) هذا مُتعلِّق بقوله: (مَيَّزُوا)، (مَيَّزُوا بِمِثْلِ)، (مَا) (مِثْلِ) مضاف و (مَا) موصولة واقعة على التمييز: بمثل تمييزٍ مُيِّزَ به عشرون .. (بِمِثْلِ مَا) بمثل تَمييزٍ، (مُيِّزَ) عشرون به، (مُيِّزَ) مُغيَّر الصيغة، و (عِشْرُونَ) نائب فاعل، والجملة صِلة الموصول، وهنا ليس فيه عائد على (مَا) الموصولة فلا بُدَّ من التقدير، (مَا مُيِّزَ) به (عِشْرُونَ) (بِه) يعني: بالتمييز، لأنَّنا قلنا: (مَا) هذه تصدق على تمييزٍ (بِمِثْلِ) بتمييزٍ مُيِّز عشرون به.

(عِشْرُونَ) وبابه، أي: بمفردٍ مُنَكَّرٍ منصوب، وإنَّما كان مُفرداً منكَّراً لِمَا مرَّ، لأنَّه حصل التمييز وحصل الكشف والإبهام بالمفرد فلا يُعدل عنه إلى الجمع، وبالمنكَّر فلا يُعدل عنه إلى المعرفة، ومنصوباً لامتناع جعل ثلاثة أشياء كالشيء الواحد، لأنَّ العرب لا تضيف بين ثلاثة أشياء .. ثلاث كلمات لا تُركِّب، هذا الأصل، وسيأتي أنَّهم ينتقدون هذه القاعدة، لأنَّهم سيركِّبون أربعة ألفاظ: أحد عشر .. ثلاثة عشراً.

كالشيء الواحد لو قيل: خمسة عشر عبدٍ، وسبق أنَّ الكوفيين جوَّزوا: خمسةُ عشرك، إذاً:

مَيَّزُوا مُرَكَّباً بِمِثْلِ مَا ... مُيِّزَ عِشْرُونَ فَسَوِّيَنْهُمَا

فَسَوِّيَنْهُمَا يعني: المركَّب والعشرين وبابه، (سَوِّيَنْهُمَا) سَوِّي بينهُمَا في الحكم، فالتمييز حينئذٍ يكون واحداً لا جمعاً، مُنَكَّراً لا معرفةً، منصوباً لا مخفوضاً ولا مجروراً.

وَمَيَّزُوا مُرَكَّباً بِمِثْلِ مَا ... مُيِّزَ عِشْرُونَ فَسَوِّيَنْهُمَا

نحو: ((أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا)) [يوسف:4] واثنتي عشرة عيناً، وأمَّا: ((قَطَّعْنَاهُمُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أَسْبَاطًا)) [الأعراف:160] (أَسْبَاطًا) هذا جمع، وكيف جاء تمييز؟ (أَسْبَاطًا) الصواب: أنَّه ليس تمييزاً لئلا تنتقد القاعدة، وإنَّما هو بدل من اثنتي عشر، والتمييز محذوف، أي: اثنتي عشرة فرقةً، و (أَسْبَاطًا) هذا بدل من: اثنتي عشرة.

ولو كان (أَسْبَاطًا) تمييزاً لذَكَّر العددين، لأنَّ (أَسْبَاط) جمع (سِبْط) وهو قال: اثنتي عشرة (عشرة) قلنا: مُطابِقة، لو كانت (أَسْبَاطًا) تمييز .. نطبِّق القاعدة: اثنتي عشرة، نقول: اثني عشر مثل: (أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا) لأنَّ (اثني) يكون مع المُذكَّر، (أَسْبَاط) .. سِبْط، فالسبط مذكَّر، إذاً يقول: اثني ولا يقول: اثنتي.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015