الضارب زيداً .. الضارب هو، (هو) ضمير مستتر يعود على (أَلْ) هذا الأصل فيه، حِينئذٍ إذا عاد على (أَلْ) رجع الضمير إلى ما هو له فيبقى على استتاره، وإذا رجع الضمير إلى غير (أَلْ) حِينئذٍ نقول: عاد الضمير على غير ما هو له فوجب أنْ ينفصل، لذلك قال: (أُبِينَ وَانْفَصَلْ) .. (انْفَصَلْ) بِمعنى: (أُبِينَ).
(وَإِنْ يَكُنْ مَا رَفَعَتْهُ صِلَةُ أَلْ) ما الذي رفع؟ ليست (أَلْ) هي، وإنَّما (صِلَةُ أَلْ) الذي هو اسم الفاعل واسم المفعول هو الذي يرفع وهذا واضح، كونه معتمداً على (أَلْ).
(وَإِنْ يَكُنْ مَا) الذي .. هذا اسم (يَكُنْ)، (مَا رَفَعَتْ صِلَةُ أَلْ ضَمِيرَ) هذا خبر (يَكُنْ) منصوب، (ضَمِيرَ غَيْرِهَا) يعني: غير (أَلْ)، (أُبِينَ) هذا جواب الشَّرط، (وَانْفَصَلْ) .. (أُبِينَ وَانْفَصَلْ) فُهِم منه: أنَّ الضمير إذا كان لـ: (أَلْ) وجب اتِّصاله، لأنَّه قيَّده: (ضَمِيرَ غَيْرِهَا أُبِينَ وَانْفَصَلْ) مفهومه: إذا كان ضميرها اتَّصل واستتر.
فُهِم منه: أنَّ الضمير إذا كان لـ: (أَلْ) وجب اتِّصاله، نَحو: أخبر عن (التاء) من: ضربت زيداً، بـ: (أَلْ) قلت: الضارب زيداً أنا، ضربت زيداً، أخبر عن (التاء) تفصلها: أنا، الضارب زيداً أنا، (الضارب) الضمير المستتر هنا يعود على (أَلْ)، إذاً: لا يَحتاج إلى أن يُبْرز.
الضارب زيداً أنا، فـ: (الضارب) فيه ضمير مستتر عائد على (أَلْ) مستتر واجب الاستتار، وأمَّا: ضربت زيداً، إذا قيل: أخْبِر عنه، قلت: الضاربه أنا زيدٌ، فالضمير العائد على (أَلْ) وهو (أنا) ضمير غيرها فوجب إظهاره.
ضربت زيداً، أخبر عن (زيد) بـ: (أَلْ) تقول: الضاربه زيدٌ، (الضارب) فيه ضمير يعود على (أَلْ) أو على (زيد)؟ على زيد، فحِينئذٍ وجب إبرازه، الضَّاربُه أنا زيدٌ، إذاً: ضربتُ زيداً، إذا أخبرت عن (زيد) تقول: الضَّاربُه أنا زيدٌ، فالضمير العائد على (أَلْ) وهو (أنا) ضمير غيرها فوجب إظهاره .. الضاربه أنا زيدٌ.
قال هنا الشَّارِح: الوصف الواقع صِلَة لـ: (أَلْ) إن رفع ضميراً – هو يرفع ضمير – فإمَّا أنْ يكون عائداً على الألف واللام، أو على غيرها، فإن كان عائداً عليها استتر، وإن كان عائداً على غيرها انفصل .. وجب إظهاره، فإذا قلت: بَلَّغْت من الزَّيْدَين إلى العمرين رسالةً، فإن أخبرت عن التاء في: (بَلَّغْت) ماذا تقول؟ المُبلِّغ من الزَّيْدَين إلى العمرين رسالةً أنا، الجملة كما هي، فقط: المبلِّغ أنا، فَصَلْت الضمير لأنَّه (التاء) بَلَّغْت، إذا قيل: أخبر عن التاء وجب فَصْلُه، لأنَّك ستجعله خبراً.
المبلِّغ أنا، إذاً: الضمير مستتر هنا وعاد إلى (أَلْ) فلا يحتاج إلى إبرازه، ففي المبلِّغ ضميرٌ عائدٌ على الألف واللام فيجب استتاره، لأنَّه في المعنى لـ: (أَلْ) لأنَّه خَلَفٌ عن ضمير المُتكلِّم، و (أَلْ) للمتكلِّم لأنَّ خبرها ضمير المتكلِّم والمبتدأ نفسه الخبر.