هذا الباب وضعه النَّحويون لامتحان الطالب وتدريبه كما وضعوا باب التمرين في التَّصرِيف لذلك، ولذلك يقول: ائت مثلاً: (قرأ) على وزن (سَفَرْجَل) .. تأتي بالزيادات، (قرأ) ثلاثة أحرف، و (سَفَرْجَل) خماسية، كيف تأتي هذه على وزن هذه؟! أو (قرأ) على وزن (جَعْفَر).
على كلٍ: المراد به التطبيق، وإذا طَبَّقْت أنْت وفَهِمْت القواعد ما تحتاج إلى هذا الباب، لو طبقت القواعد في كل موضع أعربت وكذا .. ما تحتاج إلى هذا الباب، لأنَّ فيه تكلُّف.
(الإِخْبَارُ بِالَّذِي وَالأَلِفِ وَاللاَّمِ) .. (الإِخْبَارُ بِالَّذِي) هذا أول امتحان، ظاهره أن يكون (الَّذِي) خبر .. أنْ تُخبِر بِـ: (الَّذِي) ولذلك قال: (مَا قِيلَ أَخْبِرْ عَنْهُ بِالَّذِيْ) أخبر عن زيد من قولك: ضربت زيداً بـ "الذي"؟ ظاهره: تجعل (الَّذِي) خبراً عن المبتدأ، وتجعل (زيد) مبتدأ.
أخبر عن (زيد) من قولك: ضربت زيداً، أخبر عنه بِـ: (الَّذِي) كأنك تجعل (زيد) مبتدأ وتأتي بِـ: (الَّذِي) فتجعله خبراً عنه، لا، المراد العكس: أن تجعل (الَّذِي) مبتدأ، وتُخبر عنه بالاسم المسئول عنه: ضربت زيداً .. أخبر بـ "الذي" عن زيد حِينئذٍ نقول: قوله (بِالَّذِي) الباء هنا بِمعنى: (عن) ليصح التركيب، لأنَّهم ما أرادوا هذا الذي هو الظَّاهر، إنَّما أرادوا أنْ يُجعل (الَّذِي) مبتدأ، والاسم المسئول عنه خبراً.
الذي ضربته زيدٌ، حِينئذٍ جعلت (الَّذِي) مبتدأ، وجعلت الاسم الذي طُلِب منك أنْ تُخبِر عنه بـ: (الَّذِي) جعلته خبراً، إذاً: القضية عكسية ابتداءً من أول الأمر.
(الإِخْبَارُ بِالَّذِي) الباء في قوله: (بِالَّذِي) باء السَّببيَّة لا باء التَّعدِية، لأنَّك إذا جعلتها باء التَّعدِية يكون المعنى: أنَّ (الَّذِي) به يكون الإخبار وليس كذلك .. لفظ (الَّذِي) هو الذي يكون به الإخبار .. يكون خبراً، وليس هذا كذلك .. ليس هذا المراد، المراد أن تجعل (الَّذِي) مبتدأً، كأنه قال: أخْبِر عن الذي، الإخبار عن الذي هذا واضح، فالباء بِمعنى: (عن) وبعضهم يقول: أنَّها للسَّببيَّة كما ذهب إليه الصَّبَّان.
ورجح هنا ابن عقيل أن الباء في (الَّذِي) بِمعنى: (عن) فكأنه قيل: أخْبِر عن الذي وهذا واضح، بل الإخبار يكون عن الذي بغيره، ثُم إنَّ الإخبار يكون بـ: (الَّذِي) وفروعه (التي) و (اللذان) و (الذين) ويكون كذلك بالألف واللام.
حاصل هذا الباب أنْ يُقال لك: كيف تُخبِر عن زيد من قولك: ضربت زيداً، أو: زيدٌ مُنطلقٌ، بـ: (الَّذِي) أخبر عن زيد بـ: (الَّذِي) من قولك: زيدٌ منطلق، ماذا تصنع؟ عندنا أربعة أمور، نأخذها أولاً ثُم نأتي إلى النَّظم.
إذا قيل لك: كيف تُخبِر عن (زيدٍ) من قولنا: زيدٌ منطلق بـ: (الَّذِي) فاعْمَد إلى ذلك الكلام فاعمل فيه أربعة أعمال .. أربعة وظائف:
الأول: أن تبتدئه بِموصولٍ مطابقٍ للاسم المسئول عنه وهو زيد مُفرد ومُذَكَر، (الَّذِي) .. تأتي بـ: (الَّذِي) تجعله مبتدأ.
ثانياً: أنْ تُؤخِّر (زيداً) إلى آخر التركيب.