قال الشَّارح: لَمَّا فرغ من ذكر الأماكن التي يُنصب فيها بـ (أن) محذوفةً إمَّا وجوباً وإمَّا جوازاً وهي عشرة ذَكَر أنَّ حذف (أنْ) والنصب بها في غير ما ذُكِر شاذٌّ لا يقاس عليه، ولذلك قلنا الفائدة من معرفة فاء السَّببيَّة، وواو المعية: أنَّك تنصب ما بعدها فتجعلها علامة، ليست هي ناصبة، وإنَّما علامة حذف (أنْ) مضمرة وجوباً في هذا الموضع بعد فاء السَّببيَّة، وإلا لا دخل لفاء السَّببيَّة، ولا دخل لواو المعيَّة في النَّصب، وإنَّما يُضْبط الحذف بعدها فحسب.
ذَكَر أنَّ حذف (أنْ) والنصب بها في غير ما ذُكِر شاذٌّ لا يقاس عليه، ومنه قولهم: مُرْه يَحفرها، لا عندنا واو، ولا عندنا فاء (يحفرها). بنصب (يَحفرَ) أي: مُره أن يَحفِرها، لو قال: فيحفرها، طيب على الأصل، أمَّا: (يحفرها) هكذا .. ومنه قولهم: خُذ اللص قبل يَأْخُذَك، فـ (يَأخُذَكَ) هذا منصوبٌ بـ (أنْ) محذوفة، أي: قبل أن يأخذك، وقول الشاعر:
أَلاَ أيُّهَا ذَا الزَّاجِري أَحْضُرَ الوَغَى ..
في رواية من نصب (أَحْضُرَ)، أي: أن أَحْضُرَ، ومنه المثل المشهور: تَسْمَعَ بالمعيدي خيرٌ من أن تراه، قلنا: هذا شاذ يُحفظ ولا يقاس عليه، بل الكوفيون لَمَّا سمعوا هذه: تَسْمَعَ بالمعيدي، ومثله: (أَحْضُرَ الوغى) قالوا: إذاً هو جائز، والصواب: أنَّه شاذٌّ.
وَشَذَّ حَذْفُ أَنْ وَنَصْبٌ فِي سِوَى ... مَا مَرَّ فَاقْبَلْ مِنْهُ ............
وما سُمع فهو موقوفٌ على السَّماع.
والله أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين ... !!!