كقولك: (لاَ) هذه ناهية، (تَكُنْ) فعل مضارع ناقص مجزوم بـ (لاَ)، واسم (تَكُنْ) ضمير مستتر واجب الاستتار تقديره أنت، (جَلداً) خبر، (وَتُظْهِرَ الجَزَعْ) مع إظهار الجزع، إذاً: (تُظْهِرَ) هذا فعل مضارع منصوبٌ بـ (أَنْ) مضمرةً واجبة الإضمار بعد واو المعيَّة لوقوعها في جواب النَّهي.
(وَتُظْهِرَ) أنْتَ .. الفاعل أنْتَ، (الجَزَعْ) أي: لا تجمع بين هذين، لكن أطلق النَّاظم هنا وإن كان لم يُسمع النصب مع الواو إلا في خمسة مواضع مِمَّا سُمِع مع الفاء فقط وليست مطلقة:
الأول: النَّفي، يعني: نُقيِّد ما أطلقه النَّاظم .. الأول: النَّفي هو المسموع، وأعلى درجات السَّماع هو القرآن: ((وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ)) [آل عمران:142] (يَعْلَمِ) منصوبٌ هنا بعد واو المعيَّة بـ (أَنْ) مضمرةً واجبة الإضمار لوقوعه في جواب النَّفي، وأين النفي؟ (لَمَّا)، (لَمَّا) أُخْتُ (لَمْ) هذا الموضع الأول.
الثاني: بعد الأمر:
فَقُلتُ ادْعِى وَأدْعُوَ إنَّ أَنْدَى ... لِصَوتٍ أَنْ يُنادِيَ دَاعِيانِ
الشاهد في قوله: (فَقُلتُ ادْعِى وَأدْعُوَ) إذاً: (أدْعُوَ) فعل مضارع منصوبٌ بـ (أَنْ) مضمرة واجبة الإضمار بعد واو المعيَّة لوقوعه في جواب الأمر.
الثالث: بعد النَّهي:
لاَ تَنْهَ عَنْ خُلُقٍ وتَأتيَ مِثلَهُ ..
(تَأتيَ) فعل مضارع منصوب بـ (أَنْ) واجبة الإضمار بعد واو المعيَّة لوقوعها في جواب النهي، (لا تَنْهَ) هذا الموضع الثالث.
الرابع: بعد الاستفهام:
أَلم أَكُ جَاَرَكُمْ ويَكُونَ بَيْنِي ... وَبَيْنَكُم المَوَدَّةُ وَالإِخَاءُ
(ويَكُونَ)، (يَكُونَ) فعل مضارع ناقص منصوب بـ (أَنْ) مضمرة واجبة الإضمار بعد واو المعيَّة لوقوعه في جواب الاستفهام.
الخامس: التَّمنَّي، لم يذكره ابن عقيل، نحو قوله تعالى: ((يَا لَيْتَنَا نُرَدُّ وَلا نُكَذِّبَ بِآيَاتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ)) [الأنعام:27] أين الشاهد؟ (وَنَكُونَ) هنا الواو واو المعيَّة، أمَّا الأول ليس الشاهد ذاك عطف، إذاً: (وَنَكُونَ) .. (نَكُونَ) فعل مضارع ناقص منصوب بـ (أَنْ) مضمرة واجبة الإضمار بعد واو المعيَّة لوقوعه في جواب التَّمنِّي.
هذه خمسة هي المسموعة، وقس الباقي على ظاهر كلام النَّاظم وهو: الدُّعاء، والعرض، والتحضيض، والتَّرجي، أربعة قسها على ما سُمِع، هو لم يُسمَع إلا في الخمسة المواضع فقط، والأربعة قسها، قال أبو حيَّان: " لا ينبغي أن يُقْدَم على ذلك إلا بسماع ".
إذاً: هل يُقاس ما لم يُسمع على ما سُمِع؟ ظاهر النَّظم هنا أنَّه مثله، لأنَّه قال: (وَالوَاوُ كَالفَا) في جميع أنواع الطَّلب، ما سُمِِع فهو مسموع، وما لم يُسمَع فحينئذٍ تقسه عليه والظاهر: عدم القياس.
إذاً:
وَالوَاوُ كَالفَا إِنْ تُفِدْ مَفْهُومَ مَعْ ... كَلاَ تَكُنْ جَلداً وَتُظْهِرَ الجَزَعْ