* إضمار (أن) بعد (حتى) بشروط
* إضمار (أن) بعد فاء السببية وواو المعية المسبوقين بنفي أو طلب
* حكم المضارع إذا انتفى شرط من الشروط
* نصب المضارع بعد فاء السببية المسبوقة بطلب
* إضمار (أن) بعد المضارع المعطوف على اسم خالص
* عمل (ان) محذوفة في غير ما ذكر من المواضع.
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحمَنِ الرَّحِيمِ
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أمَّا بعد:
عرفنا أنَّ النَّواصب التي ذكرها النَّاظم أربعة وهي: (أنْ، ولن، وكي، وإذاً) وسبق الحديث عن (لن، وكي، وإذاً) وبقي التفصيل في (أنْ).
(أنْ) تعمل مضمرة وظاهرة كما سبق، مضمرة يعني: منوِّية محذوفة ويبقى العمل، وإنْ كان هذا خلاف الأصل لكنَّه مطَّردٌ قياساً في باب (أنْ) لأنَّها أُمُّ الباب، وأمَّا ما عداها فلا يعمل إلا ظاهراً (لن، وكي، وإذاً) لا تعمل مضمرة، وإنَّما تعمل ملفوظاً بها.
وأمَّا (أنْ) فهي أمُّ الباب تعمل ظاهرةً ومضمرةً يعني: مقدَّرة، بمعنى: أنَّها محذوفة لا تُذْكَر، ويُنوى وجودها فيبقى عملها، وإن كان هذا الأصل كما سبق تقريره: أنَّه خلاف الأصل، الأصل: أنَّ الحرف ضعيف مطلقاً سواءً كان في النَّواصب أو في غيرها، وإذا كان كذلك فالأصل فيه: أنَّه لا يعمل إلا ملفوظاً به، حينئذٍ لا يجوزه حذفه إلا شذوذاً، إلا ما استُثْني في (رُبَّ) من حروف الجر.
وهنا في باب (أنْ) أنَّها تعمل مضمرة، وعملها ظاهرةً، قلنا: شرطُه: ألا تقع بعد عِلمٍ أو ظنٍ، عملها وهي مصدرية ناصبة واجبة النَّصب لا يكون ذلك إلا بعد انتفاء أن يسبقها عِلمٌ أو ظن، حينئذٍ يتعيَّن أن تكون مصدرية.
وأمَّا إذا سبقها ظنٌّ، يعني: ما يدلُّ على الرُّجحان حينئذٍ وجهان: الرفع، والنَّصب، والنصب أرجح، وأمَّا إذا تَقدَّمها عِلمٌ حينئذٍ يتعيَّن أن تكون مُخفَّفةً من الثقيلة، وعليه نقول: (أَنْ) هكذا بفتح الهمزة وسكون النُّون على أربعة أحوال:
- إمَّا أن تكون مصدرية ناصبة.
- وإمَّا أن تكون مُخفَّفةً من الثقيلة.
- وإمَّا أن تكون زائدة.
- وإمَّا أن تكون مُفَسِّرة.
إذا كانت مُخفَّفة من الثَّقيلة، أو مُفسِّرة، أو زائدة لا تنصب الفعل المضارع قولاً واحداً، وإنَّما تَنصبه إذا كانت مصدرية.
ومَحلُّ عملها وهي مضمرة في خمسة مواضع، وكذلك وهي مضمرةً واجبة الإضمار في خمسة مواضع، وفي جائز الإضمار في خمسة مواضع.
إذاً: نَخلُص من هذا أنَّ (أَنْ) تعمل ظاهرةً ومضمرة، وإضمارها قد يكون واجباً وقد يكون جائزاً، الواجب في خمسة مواضع، والجائز كذلك في خمسة مواضع، فالأقسام عشرة، وما عداها فعمل (أَنْ) محذوفةً يُعْتَبر شاذ كما نصَّ عليه النَّاظم في آخر الباب.
أول موضع أشار إليه النَّاظم هنا: وقوع (أَنْ) مضمرةً بعد لام الجحود وهي اللام المسبوقة بكونٍ ناقصٍ منفي، والأحسن أن يُقال: إذا سُبِقت اللام بما كان ولم يكن، حينئذٍ يتعيَّن أن تكون هذه اللام لام الجحود، فيكون المضارع بعد هذه اللام منصوباً بـ (أَنْ) مضمرةً واجبة الإضمار.
لماذا حكمنا على (أَنْ) في كونها واجبة الإضمار في هذا الموضع أو في غيره؟ نقول: السَّماع، لم يُسمع أن العربي الفصيح قد أفصح وأظهر (أَنْ) في هذه المواضع، وإنَّما تعيَّن إضمارها حيث لم يرد حرفٌ واحدٌ في لسان العرب أنَّ ثَمَّ من أفصح وأظهر (أَنْ) بعد لام الجحود أو غيرها من المواضع التي يجب فيها إضمار (أَنْ).