تقول: جاءني ذو قام، ورأيت ذو قام، ومررت بذو قام، هذه المبنية في لغة طيّ وهي الأكثر والأشهر، جاء ذو قام، جاء: فعل ماضي، ذو: فاعل مبني على السكون في محل رفع؛ لأنها من المبنيات، والمبنيات إعرابها إعراب محلي لا تقديري، رأيت ذو قام، ذو: في محل نصب مفعول به، مررت بذو قام، في محل جر بالباء، فحينئذٍ حالةً لزمت واحدة، وهذا هو الأصل في المبني أنه يلزم حالةً واحدة، ومنه البيت التي ذكرنها:
فَحَسْبِيَ مِنْ ذُو عِنْدَهُمْ مَا كَفَانِيَا
الفرق بين ذو الطائية والتي بمعنى: صاحب، ما الفرق بينهما، لا بد من ضابط حتى نعرف؟ نقول: الموصولة: لا تقع صفةً إلا لمعرفةٍ، يعني: لا يوصف بها إلا المعرفة؛ لأنها معرفة بالصلة، والتي بمعنى: صاحب: يوصف بها المعرفة ويوصف بها النكرة، التي بمعنى: صاحب يجوز أن يوصف بها المعرفة، ويوصف بها النكرة، وأما التي بمعنى: الذي، فيتعين أن يكون منعوتها معرفةً، لماذا؟ لأنها هي معرفة ملازمة .. هي من المعارف كما سيأتي الموصولات، من المعارف فإذا كانت معرفةً حينئذٍ لا يوصف بها النكرة، لا بد من التطابق بين النعت ومنعوته تعريفاً وتنكيراً، فإذا كانت ذو الطائية ملازمةً للتعريف لزم أن يكون منعوتها معرفةً.
وأما ذو التي بمعنى: صاحب، فهذه يجوز فيها الوجهان: أن ينعت بها النكرة، وأن ينعت بها المعرفة، متى نصف بها المعرفة، ومتى نصف بها النكرة؟ بحسب المضاف إليه: إن أضيفت ذو إلى نكرة فحينئذٍ وصفت النكرة بها، جاء رجل ذو مالٍ، رجل: فاعل، وذو مال، ذو نقول: بمعنى صاحب صفة لرجل، مالٍ: نكرة، إذاً وصفت بها النكرة، جاء زيدٌ ذو المال، بأل، لماذا عرفناه بأل؟ يلزم أن نعرفه بأل، لا يصح أن نقول: جاء رجل ذو المال، غلط؛ لأن ذو المال .. ذو في أصلها بمعنى صاحب:
وسيأتي:
نَكِرَةٌ قَابِلُ أَلْ مُؤَثِّرَا ... أَوْ وَاقِعٌ مَوْقِعَ مَا قَدْ ذُكِرَا
فذو في المعنى: بمعنى صاحب، وصاحب نكرة، حينئذٍ الأصل في ذو أنه نكرة، فإذا أضيفت إلى النكرة هل اكتسبت التعريف؟ لا لم تكتسب التعريف، حينئذٍ قولك: جاء زيد ذو مالٍ –غلط-؛ لأنه لم يتطابق الوصف مع موصوفه، فحينئذٍ يتعين أن يقال: جاء رجل ذو مال، وجاء زيد ذو المال بالتعريف، وجاء زيدٌ ذو أكرمته، هذه نقول: طائية، جاء زيد ذو أكرمته، ذو هذه نعت لزيد، جاء زيد ذو أكرمته، ذو هذه نعت لزيد، هل يصح جاء رجل ذو أكرمته؟ لا يصح؛ لأن رجل موصوف وهو نكرة وذو معرفة؛ لأنها موصولة، والشرط التطابق بين الموصوف وصفته وهنا انتفى.
إذاً: هذا يُفَّرق بين ذي، التي بمعنى: صاحب، وذو الطائية.
منْ ذَاكَ ذُو إنْ صُحْبَةً أَبَانَا .. يعني: أظهر صحبةً.
ثم قال: وَالْفَمُ حَيْثُ الْمِيمُ مِنْهُ بَانَا: هذا هو الاسم الثاني، الأول: ذو، وبين شرطه: إن صحبةً أبانا، بقي له شرط واحد سيأتي في آخر الشرح.