إذاً: كيف نحكم على هذا بكونه (فُعَلْ) مَمنوع من الصَّرف للعَلميَّة والعدل؟ قالوا: إذا سُمِع ما كان على هذا الوزن، ولم يوجد في منعه من الصَّرف إلا العَلميَّة، مباشرة تُضِف إليه العدل، ولذلك: (طُوى) على وزن (فُعَلْ) ولم يذكرها النُّحاة هنا، لماذا؟ لأنَّه وجد (طُوى) العَلميَّة والتَّأنيث لأنَّه اسم مكان، قالوا: ما دام أنَّه وجد عِلَّة وهو التَّأنيث مباشرة لا نقول: العدل، لأنَّ العدل هذا للضرورة فقط، متى ما أمْكَن تعليق الحكم بِعلَّةٍ غير العدل فهي مُقدَّمة مباشرة، وما عداه فليس الأمر كذلك.

ولذلك كما سيأتي: أنَّ مذهب المُبَرِّد في (حَذَامِ) أنَّه أرجح، لأنَّه علَّله بكونه اشتمل على العَلميَّة والتَّأنيث، وسيبويه قال: عَلَم معدولٌ عن (فَاعِلة) وَضُعِّفْ قول سيبويه لهذا السَّبب، لماذا؟ لأنَّه أمْكَنَه أن يُعلِّق المنع بالعَلميَّة والتَّأنيث وهو (فَاعِله) عَلَم لمؤنَّث، لماذا تَعْدِل عن التَّأنيث وتجعلها عِلَّة، فتذهب إلى العدل، والعدل مُتَكَلَّف؟ لأنَّ أكثره لم يُسمَع إنَّما هو مُقدَّر، فكيف يُعدَل عن الظَّاهر وهو المؤنَّث، ونأتِي بِعلَّة فيها نظر؟ ولذلك رُجِّح مذهب المُبَرِّد كما سيأتي.

إذاً: (أَوْ كَثُعَلاَ) نقول: المراد به العَلَم المعدول إلى (فُعَلْ) كـ: عُمَرْ، وَزُفَرْ، وَثُعَلْ، والأصل (عَامِر) هذا مسموح و (زَافِرْ) هذا الله أعلم أنَّه ليس مسموعاً إنَّما هو مُقدَّر و (ثَاعِلْ) هذا كذلك، بل هذا غلط، لماذا؟ لأنَّه سُمِع (أَأثْعَلْ) وإذا سُمِع (أَثْعَلْ) لماذا نقول (ثَاعِل)؟ هذا فيه نظر.

إذاً: (وَثَاعِلْ) نقول: قيل معدولٌ عن (أَثعَلْ) ولذلك نَصَّ السِّيُوطِي في (هَمْعِ الهَوَامِعْ) أنَّ الألفاظ السابقة المذكورة كلها معدولة عن (فَاعِل) إلا (ثُعَل) فقط، لأنَّه معدولٌ عن (أَثْعَل) لأنَّه سمع هذا وذاك، فإذا سُمِع لا نأتي إلى شيء مُقَدَّر في الذِّهن مُخْتَرع وَتَخَيُّل ونترك المسموع لا، الأصل في تقرير القواعد: أن يكون على ما سُمِع، والمُقَدَّر في الأصل: أنَّه مَعدُوم لم يُنقَل، لا نترك الملفوظ المنقول ونعدل إلى شيءٍ مُتَخَيَّل.

إذاً: و (ثَاعِل) قيل: معدولٌ عن (أَثْعَل) بل هو الصَّواب لأنَّ (ثَاعِلاً) غير مُستَعمل، ما نُقِل (ثَاعِل) .. ما سُمِع، و (أَفْعَلْ) مُستعمل.

قال في (الصِّحاح) " الثَّعَلُ بالتَّحْريك زوائدٌ في الأسنان، واختلاف منابتها يقال: رَجُلٌ أَثْعَل، وَامْرَاةٌ ثَعْلاء " (أَثْعَل) اسم فاعل، هو امرأة: ثَعْلاء، إذاً: لا نقول معدول عن (ثاعِل).

إذاً: فمنعه حينئذٍ لو حُكِم بكونه معدولاً عن غيره منعه من الصَّرف للعَلميَّة والعدل، العَلَم واضح بيَّن:

اسْمٌ يُعَيِّنُ الْمُسَمَّى مُطْلَقَا ..

والعدل على ما ذكرناه، وطريق العِلْم بعدل هذا النَّوع سماعه غير مصروفٍ .. عارياً من سائر الموانع غير العَلميَّة، وإنَّما جُعِل هذا النَّوع معدولاً، قيل: لأمرين، لماذا حكمنا عليه بكونه معدولاً؟ لأمرين:

الأوَّل: أنَّه لو لم يُقَدَّر عدل هذه الألفاظ لزم ترتيب المنع على علَّةٍ واحدة، إذ ليست فيه من الموانع غير العَلميَّة، فركَّبوا معه العِلَّة الثَّانية من أجل ذلك.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015