قال: ارْفَعْ وانْصِبَنَّ واجْرُرْ (ما): هذه كلها الأفعال طلبت ما على أنها مفعول به، ارفع بواو ما من الأسماء أصف، انصبن بالألف ما من الأسماء أصف، اجرر بياء ما من الأسماء أصف، هذا يسمى ماذا؟ يسمى تنازع، وسيأتي معنا التنازع باب خاص اسمه: باب التنازع، فحينئذٍ كل من هذه الأفعال الثلاثة قد طلب ما الاسم الموصول على أنه مفعول به له، حينئذٍ لا بد من الترجيح ما هو كلها تأخذ هذا المفعول، لا بد من واحدٍ، ونشبهه بالزوجة، المرأة لا يتنازع فيها رجلان، كذلك هذا نفسه وحينئذٍ نقول: أعملنا الأخير: اجرر بياء ما، ما: اسم موصول بمعنى الذي منصوب في محل نصب، والعامل فيه اجرر الأخير، ثم نضمر في الأول والثاني الذي هو ارفع وانصبن فإذا أضمرنا في، حينئذٍ حذفناه جائز الحذف، فأعملنا الأخير وأضمرنا في الأول والثاني ثم حذفناهما من باب الاختصار:

وَحَذْفَ فَضْلَةٍ أَجِزْ إِنْ لَمْ يَضِرْ ..

إذاً: فأعملنا الأخير وأضمرنا فيما قبله ضميره وحذفناه لكونه فضلةً، وَحَذْفَ فَضْلَةٍ أَجِزْ إِنْ لَمْ يَضِرْ كما سيأتي في محله، ما إذاً: اسم موصول بمعنى الذي، ما، يصدق على ماذا؟ قال: من الأسماء، من: هذه بيانية، لأن اسم الموصول مبهم، يحتاج إلى مبيِّن مفسر، لا بد له من مبين ومفسر وشارح، ما أصف من الأسماء نعم، ما أصف .. ما: اسم موصول بمعنى الذي، أصف: هذه جملة الصلة، من الأسماء جار ومجرور متعلق بأصف.

إذاً: هذا الباب خاص بالأسماء ولا يشرَكُه الأفعال، ولو كانت معربة، وأما الحروف فليست داخلةً معنا أصالةً:

وَارْفَعْ بِوَاوٍ وَانْصِبَنَّ بِالأَلِفْ ... وَاجْرُرْ بِيَاءٍ مَا مِنَ الأَسْمَا أَصِفْ

ما أصفه لك من الأسماء، حينئذٍ سمى أهل العلم –النحاة- هذا الباب بباب الأسماء الستة، وهو لم يعنون بهذا، وإنما قال: ما من الأسماء أصف، ثم وصف ستة أسماء، فدل على أن الباب هو باب الأسماء الستة، بعضهم يزيد الستة المعتلة المضافة، معتلة: له وجهان: إما أنها سميت معتلة؛ لأن إعرابها بالواو والألف والياء، وهذه حروف العلة:

والياءُ وَالواوُ جميعًا والألفْ ... هُنَّ حروفُ الاعتِلالِ المُكتَنِفْ

هكذا قال الحريري في: الملحة، هذا وجه، حينئذٍ أقول: لا إشكال في كون هذه الأسماء كلها يطلق عليها أنها معتلة.

وجه آخر في تسميتها معتلة: أن لاماتها حرف علة، أبٌ أصله: أَبَوٌ، الهمزة فاء الكلمة، والباء عين الكلمة، أين لامها؟ محذوفة، ما نوع الحذف؟ اعتباطي .. اعتباطاً، ما معنى: اعتباطاً؟ لغير علة تصريفية، يعني: بدون سبب، لا التقاء ساكنين ولا غيره، هذا يسمى حذفاً- عند الصرفيين- حذفاً اعتباطياً، إذاً: لام الكلمة، أبٌ لامها واوٌ وهو حرف علة، إذاً معتل، "أبَوٌ .. أخَوٌ .. حَمَوٌ .. هَنَوٌ"، -كلها- لاماتها محذوفة وهي حرف من حروف العلة، ذُو .. قيل: ذُوَيٍ، وقيل: ذُوَوٌ، إما لام وإما ياء على خلاف، وكلاهما حرف علة، ماذا بقي؟ فَمٌ، (فَمٌ) الأصل فيه أنه على وزن فَوْهٍِ فَعْلٍ، لامه حرف علة؟ ليس حرف علة، حينئذٍ تسميتها المعتلة باعتبار لاماتها يكون من باب التغليب، وأما تسميتها مضافة؛ لأنها لا تعمل هذا العمل إلا وهي مضافة، وأما ذو فهي ملازمة للإضافة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015