(كَذَا مُؤَنَّثٌ بِهَاءٍ) يعني: بتاء (مُطْلَقاً) هذا حالٌ من الضمير المستتر في الخبر، لأن (كَذَا) مثل (ذا) جار ومجرور مُتَعلِّق بمحذوف خبر مُقدَّم، فيه ضمير مستتر (مُطْلَقاً) هذا حالٌ منه، يعني: مطلقاً عن القيد.
مَمَّا يَمنع الصَّرْف اجتماع العَلميَّة والتأنيث، والتأنيث بالتاء لفظاً أو تقديراً، أمَّا لفظاً فنحو: فاطمة، وإنما لم يصرفوه لوجود العَلميَّة في معناه ولزوم علامة التأنيث في لفظه، إذاً: اجتمع فيه علامتان: تاء التأنيث وهي لازمةٌ، وكذلك من جهة المعنى فهو علمٌ.
وإنما لم يصرفوه لوجود العَلميَّة في معناه ولزوم علامة التأنيث في لفظه، فإن العَلَم المُؤنَّث لا تفارقه العلامة، فالتاء فيه بِمنْزِلة الألف في (حُبْلى وصحراء) فأثَّرَت في منع الصَّرْف بخلافها في الصفة.
سبق معنا في (صحراء وحبلى) قلنا: هناك التأنيث لازم، بخلاف التأنيث بالتاء فإنه ينفصل ولا ينفصل، وقالوا هنا في هذا المقام: فاطمة وعائشة ونحوها: التاء لازمةٌ، حِينئذٍ المراد هناك في باب الصفة نقول: هناك المقارنة ليست بالعلم المُؤنَّث بالتاء، وإنما المقارنة بالصفة المُؤنَّثة بالتاء، فهي التي تنفصل ولا تنفصل: مُسلِم ومُسلِمة، قائم وقائمة، إذاً: تنفصل، وهناك وصفٌ في الأصل.
وهنا نَحكم بكون التاء التي اتَّصَلَت بالعَلَم كفاطمة وعائشة بأنها لازمةٌ فأشْبَهت ألف التأنيث كصحراء وحبلى.
وأمَّا تقديراً: ففي المُؤنَّث المُسمَّى في الحال: كزينب وسعاد، قلنا: هذا مُقدَّر هذا الأصل فيه: أن التاء فيه مُقدَّر، أو في الأصل: كعناق، اسم رجل، يعني: لو سُمِّي رجلٌ بمُؤنَّث يبقى على الأصل، باعتبار أصله هو مُؤنَّث، ويبقى على المنع من الصَّرْف.
فأقاموا في ذلك كله تقدير التاء مقام ظهورها، وعليه فالمُؤنَّث بالتاء لفظاً ممنوعٌ من الصَّرْف مُطلقاً كما قال الناظم هنا: (كَذَا مُؤَنَّثٌ بِهَاءٍ مُطْلَقَا) فهو ممنوع من الصَّرْف للتأنيث بالتاء وهي ملفوظٌ بها، والعَلميَّة، وقوله: (مُطْلَقَا) أي: سواءٌ كان مُؤنَّثاً في المعنى أم لا كطلحة (طلحة) في اللفظ مَختومٌ بالتاء، هل هو ممنوعٌ من الصَّرْف؟ ممنوعٌ من الصَّرْف، لكونه لَفظاً عَلَماً مَختوماً بالتاء وهو علم، إذاً: لا ننظر إلى المعنى، هل يصدق على ذكر أم أنثى؟ وإنما نحكم على اللفظ، فنحكم على اللفظ بكونه ممنوعاً من الصَّرْف لكونه مَختوماً بالتاء وهو يصدق عليه قول الناظم: (كَذَا مُؤَنَّثٌ) علمٌ مُؤنَّث، (بِهَاءٍ مُطْلَقَا) سواء كان مدلوله مُذكَّر أو لا، زائداً على ثلاثة أحرف أم لا، نحو: هِبة، هِبة هذا مَختوم بتاء وهو ثلاثي، هل يُمنع من الصَّرْف؟ نقول: نعم، لماذا؟ لقوله: (كَذَا مُؤَنَّثٌ بِهَاءٍ مُطْلَقَا) شَمِل الثلاثي والرباعي وما زاد، فكل مُؤنَّث مختوم بتاء فهو ممنوع من الصَّرْف ولو كان أقَلَّ من أربعة أحرف.
ساكن الوسط أم لا، هذا احتراز مِمَّا سيأتي، وهو كهِنْدَ (هِنْدَ) هذا ليس مَختوماً بالتاء، ولكنَّه مُؤنَّثاً تأنيثاً معنوياً، ويجوز فيه الوجهان لكونه ساكن الوسط كما سيأتي.