ما كان يقوم مقام علتين لا إشكال فيه، وأمَّا ما يقوم .. ما لا بُدَّ فيه من عِلَّتين الوَصْفيَّة وغيرها حِينئذٍ إذا ذهبت الوَصْفيَّة حَلَّت العَلميَّة، إذاً: ممنوعٌ من الصَّرف مطلقاً سواءٌ كان مُنكَّراً أو مُعرَّفاً، وأمَّا ما يأتي معنا فهنا يشترط فيه التعريف فحسب: (وَالْعَلَمَ امْنَعْ صَرْفَهُ مُرَكَّبَا) إذاً: هذا شروعٌ منه فيما يُمنع من الصَّرْف للعَلميَّة وعلة أخرى، وهو سبعة أنواع.
ولذلك مجموع الممنوع من الصَّرف يكون اثني عشرة نوعاً، خمسة تُمنع من الصَّرف مُطلقاً معرفةً ونكرة، وسبعة تُمنع من الصَّرف معرفةً لا نكرة، وهو ابتداءً من التركيب المَزْجي مع العَلميَّة.
وَالْعَلَمَ امْنَعْ صَرْفَهُ مُرَكَّبَا ... تَرْكِيبَ مَزْجٍ نَحْوُ "مَعْدِْيكَرِبَا"
(والعَلَمَ) بالنَّصْب مَنصوبٌ على الاشتغال (امْنَعْ صَرْفَهُ) ضَرَبتُ زيداً .. ضربت غُلامه مثله، اشتغل باسمٍ مضافٍ إلى ضميرٍ يعود على الاسم المتَقدَّم (صَرْفَهُ) الضمير هنا يعود على العَلَم و (امْنَعْ) تَسلَّط على (صَرْفَ) (صَرْفَ) مضاف إلى الضمير، وهو عائدٌ على الاسم السَّابق، إذاً: يكون من باب الاشتغال فـ: (العَلَمَ) هذا مفعولٌ به لفعلٍ محذوفٍ وجوباً، يُفسِّره ما بعده.
(وَالعَلَمَ امْنَعْ صَرْفَهُ) يعني: امنع صرف العَلَمِ، حذف (صرف) وأقيم العلم مُقامه، (وَالْعَلَمَ امْنَعْ صَرْفَهُ مُرَكَّبَا) (مُرَكَّبَا) هذا حالٌ من (الْعَلَمَ) و (امْنَعْ) هذا فعل أمر، والفاعل ضمير مستتر وجوباً تقديره أنت، و (صَرْفَهُ) هذا مفعولٌ به، وهو مضاف ومضاف إليه و (مُرَكَّبَاً) حالٌ من العَلَم.
وجملة (امْنَعْ صَرْفَهُ) لا مَحل لها من الإعراب مُفسِّرة، لأن التقدير: امنَع صرف العَلَم مُركَّباً، (تَرْكِيْبَ مَزْجٍ) (مُرَكَّبَاً) هذا عام أطلَقَه النَّاظِم، فدخل فيه المُركَّب الإضافي، والمُركَّب الإسنادي، والمُركَّب العددي، والمُركَّب المَزجي بنوعيه: المختوم بـ: (ويه) وما عداه، لقوله: (مُرَكَّبَاً) لكن خَصَّه بماذا؟ (تَرْكِيْبَ مَزْجٍ) إعرَاب تركيب بالنَّصب على أنَّه مفعولٌ مُطلق، (مُرَكَّبَا تَرْكِيْبَ مَزْجٍ) فهو مفعول مطلق.
حِينئذٍ قوله: (مُرَكَّبَاً) ليس المراد به المُركَّب الإضافي كـ: امرئ القيس، لماذا؟ كما سبق: الإضافة تقتضي الانجرار بالكسرة، لو كان ممنوعاً من الصَّرْف لو أضيف جُرَّ بالكسر، فكيف حِينئذٍ يكون ممنوعاً من الصَّرْف للتَّركيب الإضافي؟! هذا مُحال، يستحيل أن يكون المُركَّب تركيباً إضافياً ممنوعاً من الصَّرْف، كـ: امرئ القيس، وعبد الله ونحو ذلك، لأن الإضافة تقتضي أن يكون مُنجَراً بالكسرة .. لا بُدَّ من أن يكون انجراره بالكسرة، حِينئذٍ يستحيل أن تكون الإضافة مقتضية الانجرار بالفتحة، لأنه لو كان ممنوعاً من الصَّرْف لو أضيف رجع إلى أصله: ((فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ)) [التين:4]:
مَا لَمْ يُضَفْ أَوْ يَكُ بَعْدَ أَلْ رَدِفْ ..
إذاً: إذا أضيف رَجَع إلى أصله، فيستحيل أن يكون مقتضٍ للانجرار بالفتحة.