وأشار بقوله (وَأَجْدَلَ) إلى آخره إلى أنَّ هذه الألفاظ (أَجْدَلَ) للصَّقرِ (وأَخْيَلَ) لِطَائِر (وَأَفْعَى) للحَيَّة ليست بصفات فكان حقها أن لا تُمْنَع من الصَّرف ولكن منعها بعضهم لِتَخَيُّلِ الوصف فيها، لكن هنا الوصف إذا نُظِر إلى المنع يكون مقارناً لأصل الوضع، لم يوضع اللفظ للوصف، لكن لمح الوصف مقارن للوضع، ليس بشيءٍ طارئٍ وإنَّما وضِعَ وضع الأسماء واسْتُعْمِلَ في مسماه ولُوحِظ فيه الوصف مع أصل الوضع فليس بطارئٍ مطلقاً.
ليست بصفات فكان حقها أن لا تمنع من الصَّرف ولكن منعها بعضهم لِتَخَيُّلِ الوصف فيها، فَتَخَيَّلَ في (أَجْدَلْ) معنى القوة (وأَخْيَلْ) معنى التَّخَيُّل وفي (أَفْعَى) معنى الخُبْث -الإيذاء- فمنعها لوزن الفعل والصِّفة المُتَخَيَّلَة والكثير فيها الصَّرف إذ لا وصفية فيها مُحَقَّقَة. لكن سُمِع منعها من الصَّرف كالبيت السابق:
فِرَاخُ القَطَا لاَقَيْنَ أَجْدَلَ بَازِيَا ..
فَمَا طَائِريِ يَوْماً عَلَيْكِ بِأَخْيَلاَ ..
بِأَخْيَلاَ منعه من الصَّرفْ.
إذاً قوله: (وَوَصْفٌ أَصْلِيٌّ) بَيَّنَ المفهوم بقوله:
وَأَلْغِيَنَّ عَارِضَ الْوَصْفِيَّهْ ... كَأَرْبَعٍ. . . . . . . . .
لا بُدَّ من أن يكون وزن (أَفْعَلْ) أن يكون دالاً على صفةٍ أصليَّة .. في أصل الوضع، فإن كانت في أصل الوضع اسم ثُمَّ عَرَضَت عليه الوَصْفِيَّة فالوَصْفِيَّةُ ملغاةٌ.
(وَعَارِضَ الإِسْمِيَّةْ) كذلك ألغها ومَثَّل له بـ (الأَدْهَمُ) (فَالأَدْهَمُ القَيْدُ) (فَالأَدْهَمُ) الأصل فيه: أنَّه صِفَةٌ في الأصل لكل ما فيه سواد، ثُمَّ (اِنْصِرَافُهُ مُنِعْ) مع كونه مُسْتَعمَلاً اسْتِعْمَال الأسماء لكون الاسم هنا عارضاً والأصل فيه: أنَّه وصفٌ فأُلْغِيت الاسْمِيَّة كالعكس في (أَربَعْ)، وأمَّا (أَجْدَلٌ وأَخْيَلٌ وَأَفْعَى) فهذه مصروفة في كثير من لسان العرب، لأنَّها في الأصل: موضوعةً وضع الأسماء، لكن لَمَّا كان فيها شيءٌ من اللَّمَحِ بالوصف، بعض العرب لاحظ ذلك الوصف فمنعها من الصَّرف، ولذلك قال (وَقَدْ يَنَلنَ المنْعَا) يعني: يُعْطَينَ المنع.
ثُمَّ قال:
وَمَنْعُ عَدْلٍ مَعَ وَصْفٍ ..
نقف على هذا، والله أعلم، وَصَلَّى الله وَسَلَّمَ على نَبِيَّنَا مُحَمد وعلى آله وصحبه أجمعين ... !!!