فَارْفَعْ بِضَمٍّ، يعن: ارفع رفعاً مصوراً بضم، تصويرك لهذا الرفع إنما يكون بضم.
هنا قال: بضمٍ، والأصل أن يقول: بالضمة، الضم: من ألقاب البناء، ومنه ذو ضمٍ .. فكيف جعل إعراباً أو علامة إعراب؟ يقال في الجواب: بأن عبارة المصنف هنا فيها مسامحة؛ لأن جرى عادة البصريين وهذا منسوب لهم وإن نسب إليهم غيره: أنهم يفرقون بين ضمٍ وضمٍ، فإذا كان المبنيُ مبنياً على الضم حذفوا منه التاء، وإذا كان المعرب معرباً بضم أضافوا إليه التاء، فيقولون: زيدٌ مرفوع ورفعه ضمةٌ بالتاء، وإذا كان مبنياً حيثُ، قالوا: مبني على الضم، فرقوا بينهما .. وهذا مجرد اصطلاح.
وقيل: البصريون يطلقون ألقاب البناء على علامات الإعراب، يتوسعون .. يطلقون ألقاب البناء: الضم والكسر والفتح، على ألقاب الإعراب، يعني: يتوسعون في إطلاق كل منهما على الآخر، والمسألة مجرد اصطلاح فحسب، إن فُرِّق فهو أحسن، يعني: إن جعل للبناء الضم، وللإعراب الضمة فهذا أجود وأحسن؛ لأن ثم فرقاً بين المبني والمعرب.
فَارْفَعْ بِضَمٍّ، نقول: لا منافاة بين جعل هذه الأشياء إعراباً وجعلها علامات إعراب؛ لأن القول بأن الضمة علامة إعراب، هذا يوافق القول بأن الإعراب معنوي وليس لفظي، إذا قلت: يقوم زيدٌ، زيدٌ: مرفوع ورفعه ضمة، هذا على القول بأن الإعراب لفظي، إذا قلت: مرفوع وعلامة رفعه .. علامة رفعه، حينئذٍ هذا نقول: هذا جرى على أنه معنوي، لكن جرت عادة البصريين القائلين: بأنه لفظي، أنهم يتوسعون في العبارة، فقد يُعَبِّرُون برَفْعُه .. برَفعِه، ورَفعُه ضمة، أو يقولون: وعلامة رَفْعِه ضمة، وهذا ..
ثم جواب آخر: نقول: وجعلها علامات إعراب هي إعراب من حيث عموم كونها أثراً جلبها العامل، وعلامات من حيث الخصوص، يعني: هي علامة من حيث الخصوص، وهي إعراب لفظي من حيث كونها مجلوباً للعامل.
يقوم زيدٌ، زيدٌ: هذه الضمة ننظر لها نظرين: من جهة كونها مجلوبةً للعامل، أي: جلبها فحينئذٍ هي عينه، ومن جهة خصوص التعبير عنها، لو قلنا: علامة الرفع الضمة، قالوا: لا بأس به، لكن هذا فيه نظر.
فَارْفَعْ بِضَمٍّ: إذاً الرفع يكون بضم وما ناب عنه، وسواء كان هذا الضم ظاهراً أو مقدراً، والأمثلة واضحة.
وانْصِبَنْ فَتْحاً: وانصبن فتحاً، يعني: بفتح، فتحاً هنا منصوب بنزع الخافض، إذاً: كأنه قال: وانصبن فتحاً، يعني: بفتح، وانصبن: مصوراً النصب بفتح، حينئذٍ تكون الباء التي نزعت تكون ماذا؟ تكون للتصوير،
وَجُرّ كَسْراً ..
فَارْفَعْ بِضَمٍّ وانْصِبَنْ فَتْحاً وَجُرّ .. هذا فعل أمر أنت .. كَسْراً: أيضاً منصوب بنزع الخافض، كأنه قال: وجر جراً مصوراً بكسر، فكسراً هذا منصوب بنزع الخافض.
مثال ما ذكر: كَذِكْرُ اللهِ عَبْدَهُ يَسُرّ .. كَذِكْرُ: الكاف هذه حرف جر للتشبيه تجر ما بعدها، وذكر: بالرفع على أنه مبتدأ، حينئذٍ لا بد من التأويل، إما أن نقول: الكاف اسمية، مثل ذِكْرُ .. ومثل هذه تضاف إلى الجمل ولا إشكال فيها، وإما أن يقال: بأن الكاف على أصلها حرف جر، لكنها دخلت على محذوف، كقولك: ذكر، وهذا في جميع ما يمر بك في الأمثلة: