(فِي كلِّ ما قَد فصِّلاَ من أحكام) فلا يلزم سَتْر عامله إلا مع العطف، لكن بدون (إِيَّا) يعني: الذي هو القسم الثاني الذي يَختص بقوله: (وَمَا سِوَاهُ سَتْرُ فِعْلِهِ لن يَلزَمَا) إذاً: الأصل فيه: ألا يلزم حذف عاملٍ إلا إذا عُطِف عليه أو كُرِّر، وأمَّا (إِيَّاكَ وَالشَّرَّ) (إيَّاكَ الشَّرَّ) (الشَّرَّ) هذا ليس داخلاً هنا، وإنما المُراد في قوله (وَمَا ... سِوَاهُ سَتْرُ فِعْلِهِ لَنْ يَلزَمَا) الذي هو النوع الثاني من التحذير والنوع الثالث، حينئذٍ النوع الأول يَتعيَّن حذف العامل الذي هو (إيَّاكَ) قولاً واحداً، والثاني هو الذي فيه التفصيل، فالأصل: أنه يَجوز حذف العامل ويجوز ذكره، إلا إذا عُطِفَ أو كُرِّر، كذلك المُغْرَى به هنا يَجوز ذكر عامله، ويَجوز حذفه إلا إذا كُرِّر أو عُطِف عليه.
(فِي كُلِّ مَا قَدْ فُصِّلاَ) من أحكامٍ فلا يلزم سَتْر عامله (إِلاَّ مَعَ العَطْفِ) كقوله: (المُرُوءَةَ والنَّجْدَة) يعني: الزم، أَو التَّكْرَارِ: أَخَاكَ أَخَاكَ إِنَّ مَنْ لاَ أخَا لَه .. إلى آخره. أي: الزم أخاك، ويَجوز إظهار العامل في نحو: (الصَّلاَةَ جَامِعَةً)، (الصَّلاَةَ) يعني: احضروا الصَّلاَةَ حال كونها جامعةً، (الصَّلاَةُ جَامِعَةٌ .. الصَّلاَةَ جَامِعَةٌ .. الصَّلاَةُ جَامِعَةً) أربعة أوجه فيها، (الصَّلاَةَ) هو الشاهد الذي معنا بالنصب على الإغراء (احضروا الصَّلاَةَ جامعةً: حالة كونها جامعةً) هنا يَجب الحذف؟ نقول: لا يجب، لأن المُغْرَى به لم يُكَرَّر ولم يُعْطَف عليه، فإن كُرِّر أو عُطِف عليه حينئذٍ كان حذف العامل واجباً .. الإضمار واجب، وأمَّا إذا لم يُعْطَف ولم يُكَرَّر حينئذٍ نقول: الأصل جواز الذكْر وحذفه.
ويَجوز إظهار العامل في نحو: (الصَّلاَةَ جَامِعَةً) إذ الصلاة نُصِبَ على الإغراء بتقدير (احضروا) و (جامعةً) حال، فلو صُرِّح بـ (احضروا) جاز.
إذاً: (كَمُحَذَّرٍ بِلاَ إيَّا) قيَّد: (بِلاَ إيَّا) أمَّا إذا كان بـ (إيَّا) فليس مثله، هذا قَيد احترازاً من (إِيَّا) لأن (إِيَّا) الأصل فيه: أنه يجب حذف العامل مُطلقاً، وأمَّا النوع الثاني فهو الذي يجوز ذكر العامل وحذفه إلا إذا عُطِف عليه أو كُرِّر.
الإغراء: هو أمر المخاطب بلزوم ما يحمد به وهو كالتحذير في أنه إن وجد عطف أو تكرار وجب إضمار ناصبه وإلا فلا ولا تستعمل فيه "إيا" فمثال ما يجب معه إضمار الناصب قولك:
أَخَاكَ أَخَاكَ إنَّ مَنْ لاَ أخَا لَه ... كَسَاعٍ إلى الهَيْجَا بِغيْرِ سِلاَحِ
وقولك: (أَخَاكَ والإحسان إليه) عَطَف عليه، إذاً: يجب حذف العامل: (الزم أخاك).
ومثال ما لا يلزم معه الإضمار قولك: (أَخَاكَ) فقط .. (الصَّلاَةَ) ذَكَره لوحده (الأسد) وهذا يجوز فيه الوجهان، يَجوز الذكْر وعدمه.
قد يُرفع المكرَّر في الإغراء والتحذير، هذا وجهٌ جوَّزه البعض، (إِذَا قَالَ أَخُو النَّجْدَةِ السِّلاَحُ السِّلاَحُ).