إذاً: جاز حذف الألف والنون كما حُذِفت من (أسماء) الألف والهمزة، كذلك: (عثمان) فتقول: (يا أسمُ) .. (يا عثمُ) .. (يا منصُ) (يا مسكُ) .. مسكين لو سُمِي رجل (مسكين) بماذا تُدلِّله؟ (يا مسكُ)، وكذلك: (شِملال .. يا شِملُ) و (قنديل .. يا قندُ) فإن كان غير زائدٍ كـ: (مُختار) أو غير لينٍ كـ: (قِمَطْرٍ) وهو الجمل القوي الضَّخم، والرجُل القصير، أو غير ساكنٍ كـ: (قَنُّور)، أو غير رابعٍ كـ: (مجيد) لم يجز حذفه.

ليس المراد أنه لم يُجز ترخيمه لا، لم يجز حذفه بحرفين، وإنَّما يُرَخَّم بحذف حرفٍ واحدٍ فحسب، والكلام فيما يُحْذَف مع الأخير ما قبله، وليس فيما يُرَخَّم بِحرفٍ أو لا .. هذا سبق، فكل ما ذُكِر من الممنوع، نقول: يُمْنَع ترخيمه بحذف حرفين، لا أنه لا يُرَخَّم .. لا، يُرَخَّم وإنما بِحذف حرفٍ واحدٍ فتقول: (يا مختا) و (يا قمط) و (يا قنَّو) و (يا مجي .. مجيد) ترخمه: (مجي).

ثُمَّ قال:

. . . . . . . وَالخُلْفُ فِي ... وَاوٍ وَيَاءٍ بِهِمَا فَتْحٌ قُفِي

(وَالخُلفُ) هذا مبتدأ، (فِي وَاوٍ وَيَاءٍ)، (فِي وَاوٍ) متعلِّقٌ بالخلف لأنه مصدر، (وَيَاءٍ) معطوف عليه، (بِهِمَا فَتْحٌ)، (بِهِمَا) هذا خبر مُقدَّم، و (فَتْحٌ) مبتدأ مؤخر، والجملة من المبتدأ المؤخر والخبر المُقدَّم في محل خفض صفة لواو وياء.

(فِي وَاوٍ وَيَاءٍ) مُحرَّكَين بفتحٍ، (قُفِي) أي: تُبِع، يعني: الخُلْف قفي، هذا خبر المبتدأ.

قوله: (إِنْ زِيدَ لَيناً) يعني: حرف عِلَّة، فيكون ما قبله – يعني: حَرَكَته - من جنس حرف اللين، إن كان واواً يكون ما قبله مضموماً، وإن كان ياءً كان ما قبله مكسوراً، هنا إذا كانت الواو والياء ما قبلهما مفتوح هل يُلْحَق بمثل (منصور) و (سلمان) و (أسماء) ونحو ذلك؟ قال: فيهما خُلفٌ، يعني: فيهما خُلْفٌ بين النحاة، مثل: (فِرْعَون) و (غُرْنَيق) هذا طيرٌ من طيور الماء، طويل العنق.

(فِرْعَون) هل يُرَخَّم أم لا .. هل الواو هذه مثل واو (منصور)؟ الجواب: لا، (منصُور) الصاد مضمومة، إذاً: واوٌ قبلها ضَمَّة، وهنا واوٌ قبلها فتحة، (فِرْعَون) وكذلك: (غُرْنَيْق) ياءٌ قبلها فتحة، ففيه خلافٌ بين النحاة.

فمذهب الفراء والجرمي: أنهما يُعاملان مُعاملة (مسكين) و (منصور) يعني: يُرَخَّمان بِحذف حرفين، يُحْذَف مع الآخر كالذي قبله حركة مُجانسة مثل (منصور) و (مسكين)، فتقول عندهما: (يا فِرْعَ .. فِرْعُ) بالفتح والضم، و (يا غُرْنَ) بِحذف الياء والقاف، و (فرعون) بِحذف الواو والنون.

ومذهب غيرهما من النحوييِّن: عدم جواز ذلك، حينئذٍ يُرَخَّم بِحذف حرفٍ واحد، فتقول: (يا فِرْعُو) مثل (يا ثَمُو)، و (يا غُرْنَي) بإثبات الياء.

إذاً: إذا كانت الواو والياء مفتوحاً ما قبلهما حينئذٍ فيه خلاف بين النحاة، منهم من جَوَّز ترخيمه بحرفين، ومنهم من لم يُجوِّزه بل أبقاه على أصله: وهو بِحذف حرفٍ واحدٍ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015