(دُونَ إِضَافَةٍ وإِسِنَادٍ) هذا معطوف على (إضَافَةٍ)، (إِسِنَادٍ مُتَمّ) يعني: أن المركَّب تركِيب إسنادٍ لا يجوز ترخيمه، إذاً: خَصَّ نوعين، وسَكَت عن الثالث والرابع، سَكَت عن المزجي والعددي، مفهومه: أنه يجوز تَرخيم العددي، فيُقال: (خمسة عشر) لو سمي رجل خمسة عشر. ففُهِم منه: أن المركَّب تركيب مزجياً لا يمتنع ترخيمه، إذاً: ألا يكون مركَّباً تركيب إضافةٍ ولا إسنادٍ.
قوله: (دُونَ إِضَافَةٍ) هل يشمل النوعين: الإضافة المحضة، والإضافة اللفظية؟ نعم، يشمل النوعين، بل إذا مُنِع المضاف إضافة محضة فالشبيه من بابٍ أولى .. اللفظي من بابٍ أولى، لأن تسميته إضافة هذا من باب المجاز، هو على نيَّة الانفصال، وليس بمضافٍ حقيقةً، إذاً: ألا يكون مركباً تركيب إضافةٍ حقيقةً أو حُكماً فيدخل في النفي هنا: شبه المضاف.
ألا يكون مركباً تركيب إضافة خلافاً للكوفيين في إجازتهم ترخيم المضاف إليه، نحو قول الشاعر:
خُذُوا حِذْرَكُمْ يَا آلَ عِكْرَمَ ..
(آل عِكْرِمة) هذا الأصل .. (يَا آلَ عِكْرِمَ .. يَا آلَ عِكْرَمَ) هكذا بفتح الراء موجود. وهو عند البصريين نادرٌ، يعني: تَرخِيم المضاف إليه بِحذف آخره (التاء) هذا نادر ولا يقاس عليه. وعِلَّة منع ترخيم المضاف، لأن المتضايفين كالشيء الواحد، فهو بِمنْزِلة حذف حشو الكلمة -هذا من المضاف-، والحذف من المضاف إليه يَمنَع منه: أن تالي أداة النداء المضاف، فالحذف من المضاف إليه بِمنْزِلة الحذف من غير المُنَادى.
إذاً: لا يُحْذَف من المضاف .. عندنا مضاف ومضاف إليه، لا يُحْذَف من المضاف، لماذا؟ لأنك الذي ستحذفه هذا حشوٌ في الكلمة .. كأنك حذفت (الياء) من (زيد) هذا مُمتنع، لأن المضاف والمضاف إليه كالجزء الواحد، إذاً: يَمتَنع أن تحذف الحرف الأخير من المضاف، حينئذٍ لا يُحْذَف لكونه حشواً في الكلمة، وإذا حَذَفْتَ من المضاف إليه، الذي يلي أداة النداء هو المضاف، والمضاف إليه فَصَل بين الأداة والمضاف إليه بالمضاف، حينئذٍ صار كـ: (لا مُنَادى) والحذف إنما يكون من المُنَادى – هذا التعليل جيد -.
إذاً نقول: لا يُحْذَف ترخيماً من المركب تركيب إضافي، لا من المضاف، ولا من المضاف إليه، لماذا من المضاف؟ لأن المضاف والمضاف إليه كالكلمة الواحدة، فإذا حذفت آخر .. مثلاً: (غلام زيدٍ) تحذف الميم؟! هذا ما يصح، لأنه صار حشواً .. كالجزء من الكلمة .. وسط الكلمة فلا يجوز حذفه، هذا من المضاف وهو واضح، وأمَّا المضاف إليه فللفصل بين الأداة وبينه بالمضاف، كأنه غير منادى، والحذف هنا خاص بالمنادى.
إذاً: بهذه الشروط الأربعة أو الثلاثة، نقول: يَجوز الحذف، وهو ما إذا كان المنادى غير مختوم بتاء التأنيث، لأن الأصل فيه المنع، وإنما يجوز باسْتِيفَاء هذه الشروط الأربعة: أن يكون رباعياً فأكثر .. علماً غير مضافٍ، وغير مسندٍ إسنادٍ مُتِم، على زنة اسم المفعول .. نعت إسناد كأنه احترز عن النسبة الإضافية والتوصيفية .. (وإِسْنَادٍ مُتَمّ) يعني: كأنه أخرج التوصيفي كذلك.