(وَالَّذِي قَدْ رُخِّمَا بِحْذْفِهَا وَفِّرْهُ) يعني: أبقه، (بَعْدُ) بعد حذفها، أي: لا تحذف منه شيئاً بعد حذف الهاء، لأن الذي يُحْذَف في هذا النوع هو تاء التأنيث فحسب، وأمَّا ما قبل تاء التأنيث فأبقه .. (وَفِّرْهُ) لا تتعرض له بحذفٍ البتة، أي: لا تحذف منه شيئاً بعد حذف الهاء، ولو كان ليناً .. ساكناً .. زائداً .. مكملاً أربعةً فصاعداً، أي: إذا حَذَفت الهاء للترخيم وفِّر ما بقي من الاسم المرَخَّم، أي: لا تحذف منه شيئاً ولا تغيِّره، فتقول في ترخيم (عقنبات: يا عقنبا) بالألف، وهو حديدة المخالب.

وأجاز سيبويه أن يُرَخَّم ثانياً، لكن قول جماهير النحاة: على أنه إذا حُذِفَت التاء: (يا فاطمُ) لا يجوز حذف حرفٍ بعده البَتَّة، لكن نُقِل عن سيبويه: أنه أجاز أن يُرَخَّم ثانياً على لغة من لا ينتظر، كما سيأتي. ومنه:

أَحَارِ بنَ بَدْرِ قَدْ وَلِيتَ وِلاَيَةً ..

(أَحَارِ) هذا حجة قوية، (أَحَارِ) أصله: (أحارثة) كم حرف حُذِف؟ أَحَارِ بنَ بَدْرِ، أصلها: (حارثة) مثل: (فاطمة) حُذِف منه التاء ثُمَّ رَخَّمه مرة ثانية، لكن هذا إن جُوِّز يكون قليلاً .. غير مُطَّرِد، وأما الأول فهو المُطَّرِد.

(وَالَّذِي قَدْ رُخِّمَا بِحْذْفِهَا وَفِّرْهُ بَعْدُ) إذاً: لا يُحْذَف منه بعد ذلك شيءٌ آخر، وإلى هذا أشار بقوله: (وَجَوِّزَنْه) إلى قوله: (بَعْدُ).

إذاً: النوع الأول من المُنَادى الذي يُرَخَّم: ما كان مختوماً بـ (تاء التأنيث) حينئذٍ يُرَخَّم بِحذف حرفٍ واحد وهو التاء، وعلى قول جماهير النحاة: لا يجوز بعد حذف التاء ترخِيمٌ آخر، إلا ما نُسِب لسيبويه أنه يجوز ترخيمه مرةً ثانية على لغة من ينتظر.

وإذا وُقِف على المرَخَّم بحذف الهاء فالغالب – الغالب ليس مُطَّرداً - فالغالب أن تلحقه هاءٌ ساكنة، فتقول في المرَخَّم: (يا طلحة .. يا طلح) وقفت بالسكون مثلاً، فإذا وقفت تقول: (يا طلحة) من أجل أن تُظهِر الحاء؛ لأنه على لغة من ينتظر، يعني: ينتظر المحذوف، أو لغة من ينوِي، هي نفسها، يعني: ينوي أن المحذوف كالموجود، فَيُبَقِّي الحركة كما هي: يا طلحة، بالهاء.

فتقول في المرَخَّم: (يا طلحة) فقيل: هي هاءُ السكْت، إذاً: تلحقه هاء واختلف فيها.

قيل: هي هاءُ السكْت وهو ظاهر كلام سيبويه، وقيل: لا، هي التاء المحذوفة - لأنها رَجَعَت – هي التاء المحذوفة أُعِيدت لبيان الحركة، وإليه ذهب المصنِّف كما في التسهيل، يعني: ابن مالك - رحمه الله - في التسهيل ذهب إلى أن هذه الهاء التي وُقِف عليها بالسكون هي التاء التي حُذِفت ترخيماً، فلمَّا وقفنا عليه ورجعنا الهاء حينئذٍ أولى أن يُقال: بأنها هي التاء المحذوفة، رجعت ووقِفَ عليها بالسكون.

أو تعويض ألفٍ منها، يعني: إمَّا أن يؤتى بهاءٍ ساكنة ثُمَّ اختُلف فيها، ظاهر مذهب سيبويه: أنها هاء السكْت، وذهب بعضهم منهم الناظم في التسهيل: إلى أنها هي التاء المحذوفة أُعِِيدت فرجعت، وقيل: يُعَوَّض ألفٌ منها، ونَصَّ سيبويه: على أن الألف لا تكون عِوضاً عن الهاء إلا في الضرورة.

قال أبو حيان: أطلقوا في لحاق هذه الهاء، يعني: مُطلقاً، لم يفصِّلوا بين اللغتين: من ينتظر ومن لا ينتظر، وهو عنده تفصيل.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015