إذاً قوله: (وَيُنْدَبُ المَوصُولُ) هذا فيه رجوعٌ إلى قوله: (وَلاَ مَا أُبهِمَا) لأن الموصول مبهم عام، الناظم يستثني جملة بعد جملة.

(وَلاَ مَا أُبهِمَا) دخل فيه الموصول مطلقاً، ثُمَّ استثنى الموصول بالصلة المشتهرة، قال: (وَيُنْدَبُ المَوصُولُ بِالَّذِي اشْتَهَر) إذاً: دخل في قوله: (مَا أُبهِمَا): الموصول بالذي لم يشتهر، لكن بقي عليه تخصيص يؤخذ من المثال، وهو أن المراد بقوله: (المَوصُولُ) ما ليس مبدوءاً بهمزة الوصل، لأن قوله: (وَيُنْدَبُ المَوصُولُ) عام، يشمل كل موصول سواءٌ بُدء بالهمزة أو لا، لكن نقول: الناظم يُعْطِي الأحكام بالأمثلة، لأنه قال: (كَبِئْرَ زَمْزَمٍ يَلِي وَا مَنْ حَفَر) .. (مَنْ) اسم موصول بمعنى: الذي.

فحينئذٍ نُقيِّد قوله: (المَوصُولْ) بكونه لم يبدأ بهمزة الوصل، أجمعوا على عدم جواز نُدْبَة الموصول المقترن بـ (أل): (الذي) و (التي) و (الذين)، واختلفوا في جواز نُدْبَة الموصول غير المقترن بـ (أل) فمنعه البصريون مُطلقاً دون استثناء، وذهب بعضهم إلى الجواز إذا كانت الصلة لما اشتهر، كالمثال الذي ذكره الناظم.

إذاً قوله: (المَوصُولُ) أي: الخالي من (أل)، أي: عند الكوفيين، وهو عند البصريين شاذ.

واتفق الجميع على منع نُدْبَة الموصول المبدوء بـ (أل) وإن اشتهرت صلته، كالمثال الذي ذكره، لو قال: (والذي حفر بئر زمزمٍ) من الذي حفر بئر زمزم؟ عبد المطلب، ولذلك لمَّا كانت هذه مشتهرة، كأنه قال: (واعبد المطلباه .. وامن حفر بئر زمزمٍ) نُدْبَة هذا، واتفق الجميع على منع ندبة الموصول المبدوء بـ (أل) وإن اشتهرت صلته فلا يُقال: (وا الذي حفر بئر زمزماه) إذ لا يُجْمَع بين حرف الندْبَة و (أل).

إذاً: (وَيُنْدَبُ المَوصُولُ بِالَّذِي اشْتَهَر) .. (بِالَّذِي) جار مجرور مُتعلِّق بقوله: (المَوصُولُ)، و (الموصول) هذا نائب فاعل (يُنْدَبُ)، و (يُنْدَبُ) مُغيَّر الصيغة، (بِالَّذِي) متعلقٌ به، (اشْتَهَر) يعني: المشتهر اشتهاراً يُعيِّنُه ويرفع الإبهام، فصار معرفةً واضحة بينة.

(كَبِئْرَ زَمْزَمٍ يَلِي)، (بِئْرَ) هذا حكاية لأنه مفعولٌ به، حينئذٍ يكون مجروراً بالكاف، لكن الحركة مُقدَّرة.

(بِئْرَ زَمْزَمٍ يَلِي) الذي هو بئر زمزمٍ، قول القائل: (وَا مَنْ حَفَرْ)، (وَا مَنْ حَفَرْ) الجملة هذه مَحْكية: مفعول به لقوله: (يَلِي).

(وا من حفر بئر زمزمٍ)، (وا) حرف نُدْبَة، (من) اسم موصول ليس مبدوءاً بـ (أل)، (وا من حفر بئر زمزمٍ) الذي حفر بئر زمزم معروف وهو عبد المطلب، كأنه قال: إذاً قالوا بمنزلة (واعبد المطلباه) وهو معرفة واضح بَيِّن، كأنه عَدَلَ عن العَلَم إلى وصفٍ مختصٍ بالعَلَم، وهذا جائزٌ وهو بيِّنٌ واضح.

إذاً الخلاصة: ليس كل منادىً يَصح نَدْبُه، بل إنما يُندب ما ليس بنكرة، ولا مبهماً من عَلَمٍ، ومضافٍ إلى معرفةٍ تُوضَّحُ بها، وموصولٍ بما يُعيِّنه خالٍ من (أل) نحو: (وازيداه) .. (وغلام زيداه) .. (وامن حفر بئر زمزماه) هذا الذي يَتعلَّق به من حيث الأحكام العامة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015