(وَلاَمُ مَا اسْتُغِيثَ) التي عناها الناظم بقوله: (خُفِضَا بِاللاَّمِ مَفْتُوحاً)، هذه اللام (عَاقَبَتْ أَلِفْ) عاقبت ألفاً، ألفاً: هذا مفعولٌ به، و (عَاقَبَتْ) فعل وفاعل، وألفاً: هذا مفعولٌ به وَقَفَ عليه بالسكون على لغة ربيعة، ويَحتمل أن (أَلِفْ) فاعل .. عَاقَبَتْ أَلِفٌ: عاقبتها ألفٌ، هذا مُحتمل، وجَوَّزه المكودي هناك، وهذا لا بأس به.

(عَاقَبَتْ أَلِفْ) وهذه الألف عِوَضٌ عن اللام، وفُهِمَ بهذا أن اللام غير لازمة، لأن الألف تعاقبها، وفُهِمَ من كون الألف عِوَضاً عن اللام أنه لا يجوز الجمع بينهما، فلا يُقال: يا لَزيدا، هذا ممنوع، لأن: زيدا .. الألف هذه عِوَض عن اللام، وأنت جمعت بينهما: يا لزيدا، هذا غير جائز .. ممتنع، لأنه لا يُجمع بين العِوَض والمُعَوَّض عنه.

ولا يجوز الجمع بينهما فلا تقول: يا لزيدا، وقد يخلوا منهما، يعني: إذا دَلَّ عليه دليل، فلا تُذْكَر اللام ولا العِوَض عنه: أَلاَ يَاقُومِ للْعَجَبْ العَجِيبِ، ألا يا لَقُومِ، أو: ألا قوما، لم يأت بالألف ولا باللام، هنا الشاعر حذف اللام وحذف الألف: أَلاَ يَاقُومِ للْعَجَب العَجِيبِ.

(وَلاَمُ مَا اسْتُغِيثَ عَاقَبَتْ أَلِفْ) إذاً نَخلُص من هذا: أن الألف قد تكون نائبةً عن اللام التي تدخل على المستغاث، حينئذٍ تأخذ حكمها في الدلالة على الاستغاثة، نحو: يا زيدا، وإذا وقفت على المستغاث أو المتعجب منه حالة إلحاق الألف جاز الوقف بهاء السَّكت، فيقال: يا زيدا .. يا زيداه، جاز الوقف بهاء السَّكت، إذاً يجوز: يا لَزيدٍ .. يا زيدا .. يا زيداه.

وإذا جُعِلَ الحذف قياساً يجوز: يا زيدِ، وهذا فيه إشكال.

(وَمِثْلُهُ اسْمٌ ذُو تَعَجُّبٍ أُلِفْ) هذا استطراد، كما قال هناك: (وَالأَمْرُ) هنا استطرد كذلك، وإنما ذكر اسم التعجب هنا وإن لم يكن من هذا الباب لاشتراكهما في الحكم، والداعي إلى نداء المُتَعَجب منه استعظام أمر، كما سبق: أن التعجب إنما هو استعظام، قد يناديه .. يرى الماء كثير يقول: يا لَلماء، قد يرى قلة العلماء: يا لَلعلماء .. يا لَلدَّواهي، ونحو ذلك، قَدْ يُتَعَجب من شيء فينادى جنسه.

كل أحكام الاستغاثة: من حيث اللام وفتحها، ومن حيث حذفها، وتعويض الألف عنها، كله ثابت للمُتَعَجب منه.

(وَمِثْلُهُ اسْمٌ ذُو تَعَجُّبٍ أُلِفْ) قلنا: النداء المُتَعَجب منه سببه استعظام أمرٍ بعده عظيماً، أو يَعُود عظيماً، فينادَى جنس ما رآه المُتَعَجِّب، كا يالَلماء، ويا للعشب ونحو ذلك.

(وَمِثْلُهُ) هذا خبر مُتَقَدِّم .. مثله في ذلك، (اسْمٌ) هذا مبتدأ، (وَمِثْلُهُ) خبر مُتَقَدِّم، ولا بأس بالعكس، و (ذُو تَعَجُّبٍ) نعت .. صفة لاسم، (أُلِفَ) يعني: مألوف، صار مثله مثل حكم المتسغاث، فالألفة بينهما في تساوي الأحكام سَوَّت بينهما، (أُلِفْ) فالجملة حينئذٍ تكون صفةً لتعجب.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015