إذاً إذا قيل: بأنه أصله (فلان) وحذفت منه الألف والنون حينئذٍ لا إشكال .. ليس عندنا استثناء، وإذا قيل: أنه هو الأصل (فُلُ) الذي يَخْتَص بالنداء، حينئذٍ نقول: هذا استعمل ضرورةً في الشعر.

قال الشارح هنا: " من الأسماء ما لا يستعمل إلا في النداء " وهذا خروجٌ عن الأصل، وإلا الأصل في الاسم أنه يستعمل منادى وغير منادى. نحو: يا فُلُ، أي: يا رجل، ويا لؤمان: للعظيم اللؤم، ويا نومان: لكثير النوم وهو مسموع، ويؤخذ ذلك من تعبيره بالاطِّرَاد فيما بعدها، لأنه قال: (وَاطَّرْدَا) مفهومه: أن ما قبله ليس مُطَّرِداً، يعني: ليس مقيساً.

وأشار بقوله: (وَاطَّرَدَا فِي سَبِّ الأُنْثَى) إلى أنه ينقاس في النداء استعمال فَعَالِ مبْنِياً على الكسر في ذم الأنثى وسبها، من كل فعلٍ ثلاثي -وزدنا عليه ثلاثة شروط-: يا خباث .. يا فساق .. يا لكاع، وأمَّا استعمال (لكَاَع) في قول الشاعر:

إليَ بَيْتٍ قَعيدَتُهُ لكَاَعِ ..

هذه يُخَرَّج .. خَرَّجُوه على أنه على تقدير قولٍ محذوف، أي: بيتٍ قعيدته مقولٍ لها: يا لكاع، إذاً: ليس مستعملاً في غير النداء، وكذلك ينقاس استعمال (فَعَالِ) المبني على الكسر من كل ثلاثي للدلالة على الأمر .. نعم الثلاثي والشروط في الأمر ليست في سب الأنثى، أنا قلت هناك. نحو: نزالِ وضرابِ وقتالِ، أي: انزل واقتل واضرب، وتراك أي: اترك، وكَثُرَ استعمال (فُعَلْ) في النداء خاصةً، مقصوداً به سب الذكور، نحو: يا فُسَقُ .. يا فاسق يعني، يا غُدَرُ .. يا غادر، يا لُكَعُ .. يا لاكع، ويا خُبَثُ، يعني: يا خبيث، ولا ينقاس ذلك، واختار ابن عصفور كونه قياسياً ونُسِبَ لسيبويه.

وأشار بقوله: (وَجُرَّ فِي الشِّعْرِ فُلُ) إلى أن بعض الأسماء المخصوصة بالنداء قد تستعمل في الشعر في غير النداء:

في لُجَّةٍ أَمْسِكْ فُلاَناً عَنْ فُلِ ..

والأكثر في بناء: (مفعلان) نحو: ملئمان أن يأتي في الذم: (لُؤْمَانُ ونَومَانُ) (مَفْعَلاَن) .. وزن مَفْعَلاَن، الأكثر أن يكون في الذم .. الأكثر وزن مَفْعَلاَن أن يكون في الذم. نحو: ملئمان، من اللؤم، وقد جاء في المدح نحو: يا مكرمان، وهو العزيز المُكْرَم .. يا مكرمان، حكاه سيبويه والأخفش، ويا مطيبان، طيب يعني، هذا مدح.

قال في (شرح الكافية): " هذه الصفات مقصورة على السماع بإجماع " ما كان على وزن (مفعلان) نَوْمَان بالفتح، هذه مقصورة على السمع بإجماع، وهو صحيحٌ في غير مفعلان فإن فيه خلافاً، أجاز بعضهم القياس عليه، فتقول: يا مخبثان، وفي الأنثى: يا مخبثانة.

وحكا في الهمع: الذي سُمِعَ منه من (مفعلان) ستة ألفاظ فحسب .. فقط ستة -وهذا طيب-: مكرمان، وملئمان، ومخبثان، وملعكان، ومطيبان، ومكذبان، هذه كلها مسموعة، يعني: تُحفظ ولا يُقاس عليها، إذاً: هذه أسماء لازمت النداء على الترتيب الذي ذكرناه، منها ما هو مسموعٌ قليل، ومنها ما هو مقيس، ومنها ما هو شائعٌ غير مقيس.

(الاِسْتِغَاثَةُ)

المنادى قد يكون استغاثةً، يعني: يستعمل ويراد به الاستغاثة، والاستغاثة مأخوذةٌ من الغوث، والغوث المراد به: نداء من يُخلِّص من شدةٍ ويعين على دفع مشقة، هذا المراد بالاستغاثة، ولذلك قيل: مستغيثٌ ومستغاثٌ به.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015