مذهب سيبويه: أنهما كنايتان عن نكرتين، يعني مثل (هنُ) سبق أن الهنُ هذا كناية، إذاً: لا يستعمل إلا ويراد به معنىً آخر، إمَّا اسم جنس .. إمَّا الفَرْج خاصةً .. إمَّا نكرات، إلى آخر ما ذكرناه سابقاً، أو ما يستقبح ذكره فَيُكنَّى عنه بلفظ (هنُ)، هنك، يعني: عينك ونحو ذلك، كذلك (فُلُ) و (فُلةُ) كنايتان، عن ماذا؟ قال سيبويه: كنايتان عن نكرتين فـ (فُلُ) كناية عن رجل، يعني إذا قال: يا فُلُ يعني: يا رجل، فَكَنَّى عن كلمة: رجل بـ (فُلُ) و (فُلةُ) كنايةٌ عن امرأة، فإذا قال: يا فُلةُ كأنه قال: يا امرأة، وإنما لم يُصَرِّح بامرأة كنَّى .. أتى بلفظٍ يصدق على امرأة، هذا مذهب سيبويه وهو المشهور.
ومذهب الكوفيين: أن أصلهما: فلانٌ وفلانةٌ، (فُلُ) فلان، فإذا قال: يا فُلُ، كأنه قال: يا فلان، ويا فُلةُ، كأنه قال: يا فلانة .. مُؤنَّث فلان.
فَرُخِّمَا ترخيماً، يعني: حذف منهما المتأخر .. حرف أو حرفان أو ثلاث فصار (فُلُ)، فلان يعني: حذف منه الألف والنون، رُخِّمَ بحذف الحرفين المتأخرين فصار (فُلُ)، وكذلك: فُلةُ .. فُلانةٌ حذف منه الألف والنون، والتاء بقيت للتأنيث، للفرق بين (فُلُ) و (فُلةُ) هذا مذهب الكوفيين، أصلهما: فلان فَرُخِّم فقيل (فُلُ)، وفلانةٌ فَرُخِّم وقيل (فُلةُ).
ورُدَّ هذا المذهب .. مذهب الكوفيين، بأنه لو كان مُرَخَّماً لقيل فيه: فلا، لأنه يحذف الحرف الأخير فقط، أمَّا حذف الحرفين، فلان: أربعة أحرف، وهذا لا يحذف إلا الحرف الأخير كـ: يا سعا، وهي: سعاد، يحذف الحرف الأخير هذا القياس، أمَّا حذف الحرفين إنما يكون فيما زاد على أربعة: (مُكَمِّلاً أَرْبَعَةً فَصَاعِداً) كما سيأتي.
إذاً: هذا مردود، لأنه لو كان كذلك لقيل: (فُلا) ولما قيل في التأنيث: (فُلةُ).
وقيل: هما كنايةٌ عن العَلَم، فـ (فُلُ) كنايةٌ عن زيد مثلاً، بدلاً من أن أقول: يا زيد، أقول: يا فُلُ، أُكَنِّي به بدلاً عن كلمة: رجل، وهو نكرة يكون كنايةً عن العلم، يا فُلةُ، يعني: يا هند .. بدلاً من أن أقول: يا هندُ، أقول: يا فُلةُ، إذاً: كناية عن العَلَمْ مقابل للقول الأول .. كناية عن النكرة.
هما كنايةٌ عن العلم نحو: زيد وهند، بمعنى: فلان وفلانة.
قال في شرح التسهيل: " إن يا فُلُ بمعنى: يا فلان، ويا فُلةُ بمعنى: فلانة، فلا يستعملان منقوصين – يعني: محذوفين الأخير – في غير النداء إلا في ضرورة ".