هذا سبق معنا الْعَيْنَانُ، ويجوز إبدال هذه التاء هاءً: يا أبتاه، وهو يدل على أنها تاء التأنيث، قال في التسهيل: " وجعلها هاءً في الخط والوقف جائزٌ، وقد قُرِئ بالوجهين في السبع، ورسمت في المصحف بالتاء"، إذاً: تقلب هذه التاء هاء، فدل على أنها تاء التأنيث.
اخْتُلِف في جواز ضم التاء في أبتِ وأمتِ، مثل: رَبُّ احْكُمْ هناك، قلنا: فيه لغة سادسة، هل أبَتُ وأمتُ مثلها، يعني: تضم فيهما التاء أم لا؟ اخْتُلِف في جواز ضم التاء في أبتِ ويا أمتِ، فأجازه الفراء ومنعه الزَجَّاج، ونُقِل عن الخليل: أنه سَمِع من العرب من يقول: يا أبَتُ ويا أمَتُ بالضم، إذاً: سُمِعَ ضم التاء.
وعلى هذا يكون في ندائهما عشر لغات: ست سابقة، وأربع لاحقة، الأربع اللاحقة: يا أبَتِ .. يا أمتِ بكسرهما، ويا أبَتَ ويا أمتَ بفتحهما .. الكسر والفتح، ويا أبَتِي بإثبات الياء ويا أبَتَا بقلب الياء ألفاً، هذه عشرة، يا أبَتِ بالفتح والكسر: (وَاكْسِرْ أَوِ افْتَحْ) لغتان، وإثبات الياء لغة ثالثة، وقلب الياء ألفاً لغة رابعة، مع الست فهي عشرٌ.
وعلى هذا يكون في ندائهما عشر لغات: الست السابقة، في: يا عَبْدِ، وهذه الأربعة: تثليث التاء، يعني: الفتح والكسر والضم، يا أبَتِ يا أبَتَ يا أبَتُ .. يا أُمتِ يا أُمتَ يا أُمتُ، هذه ثلاث لغات، والجمع بينهما وبين الألف في نحو: يا أبَتَا ويا أبَتِي، هذه كلها عشر لغات.
إذاً خلاصة ما سبق نقول: المنادى المضاف للياء أربعة أقسام:
الأول: ما فيه لغةٌ واحدة، وهو المعتل، فإن ياءه واجبة الثبوت والفتح، نحو: يا فتايَ وقاضيَّ، ولا يجوز إسكانها لئلا يلتقي ساكنان، ولا بالكسر والضَّم لأن هاتين الحركتين ثقيلتان على الياء فلم يبق إلا الفتح، إذاً: ما فيه لغةٌ واحدة، وهو المعتل المضاف إلى ياء المُتَكلِّم، ليس فيه إلا إثبات الياء ولا يجوز حذفها، بل إثباتها واجب ثم تُحرَّك بالفتح، وأمَّا الكسر والضَّم فثقيلان.
القسم الثاني: ما فيه لغتان، وهو الوصف المشبه للفعل، يعني: ما كانت إضافته إضافة لفظية، فإن ياءه ثابتة لا غير، وهي إمَّا مفتوحة وإمَّا مكسورة، مثل: يا مكرمي ويا ضاربي.
القسم الثالث: ما فيه ست لغات، وهو ما عدى ذلك وليس أباً ولا أمَّاً .. لا بُدَّ أن نُقَيِّده، ما عدى ذلك، يعني: ما عدى المعتل، والوصف المشبه للفعل، وليس أباً ولا أمَّاً، فيه ست لغات، مثل: غلامي وعبدي.
الرابع: ما فيه عشر لغات، وهو الأب والأم، ففيهما مع اللغات الست أن تُعَوِّض تاء التأنيث عن ياء المُتَكلِّم، وتكسرها وهو الأكثر، أو تفتحها وهو الأقيس، أو تضمها على التشبيه بنحو: ثبةٍ وهبة، وهو شاذٌ .. قيل: شاذ، يعني: قليل، يعني: يُثْبَت لغة ثُم بعد ذلك هل يستعمل أو لا؟ مسألة ثانية، نحن نتكلم في اللغات الواردة.