والثاني: أنهما جُعلا اسماً واحداً مُرَكَّباً وبُنِيا على الفتح، هذا بعيد: ابْنَ أمَّا .. أمَّا، فحينئذٍ رُكِّبَ تركيب خمسة عشر، مثل: عَشَرَ الراء مفتوح هذا مثله، وهذا بعيد.

والأول قول الكِسَائي: وهو أن الأصل: أمَّا وعمَّا، وحذفت الألف ثُم اكتفي بالفتحة، والثاني قول سيبويه والبصريين، أنه مُرَكَّب تركيب خمسة عشر، هذان الوجهان في الفتح، لمَ فُتِحا يا ابْنِ أمَّ، ويا ابْنَ عَمَّ؟ مذهب الكِسَائي إمام الكوفيين: أن الأصل (أمَّا) بالألف، قُلِبت الياء ألفاً ثُمَّ حُذِفت، يا ابْنَ عَمَّا، الأصل: يا ابن عمي، قلبت الياء ألفاً ثُمَّ حذفت، وهذا جيد وله أصل هناك .. له أصلٌ في الصحيح، وهذا ما دام أنه خارجٌ عن الأصل فالأولى أن يُحمل على الأصل ذاك، هذا جيد.

والثاني: أنه مُرَكَّب تركيب خمسة عشر، وهو قول البصريين، وقول إمامهم سيبويه.

وأمَّا الكسر: يا ابْنَ أمِّ .. يا ابْنَ عَمِّ، فظاهر مذهب الزَجَّاج أنه مِمَّا اجتزئ فيه بالكسرة عن الياء المحذوفة من غير تركيب وهذا واضح، يا ابْنَ أمِّ أصله ماذا؟ مثل: عَبْدِ ((يَا عِبَادِ فَاتَّقُونِ)) [الزمر:16] عباد .. عبد، يا ابن أمي، بالياء ثم حذفت الياء، واكتفي بالكسرة دليلاً على المحذوف، يا ابن عمي بالياء حذفت الياء واكتفي بالكسرة عن المحذوف، إذاً: لا إشكال هذا واضح.

إذاً: هذان اللفظان محمولان على بعض اللغات السابقة: (كَعَبْدِ عَبْدِي عَبْدَ عَبْدَا عَبْدِيَا) إذاً: هاتان اللغتان مأخوذتان مما سبق، فالقول فيهما قولٌ في السابق، وإنما انفردا لكون المنادى ليس مضافاً إلى ياء المُتَكلِّم، وإنما مضاف إلى مضاف إلى ياء المُتَكلِّم، والأصل أنه يستوي فيه قبل النداء وبعد النداء.

(وَفَتْحٌ او كَسْرٌ) يعني: للميم، وأجاز قومٌ ضمها أيضاً، إذاً: ثلاث لغات.

(وَحَذْفُ اليَا .. وَفَتْحٌ) ما إعراب فتحٌ؟ مبتدأ، (أَو كَسْرٌ) عطفٌ عليه، (وَحَذْفُ اليَا) كذلك عطفٌ عليه، (حَذْفُ) مضاف و (اليَا) مضافٌ إليه للضرورة الياء وكلها لغة.

(اسْتَمَر) الجملة خبر المبتدأ، والمراد بالاستمرار هنا هو معنى اطَّرَد، يعني: مُطَّرِد، يعني: كثير في لسان العرب، يستعملون هذا اللفظ: يا ابْنَ أمَّ .. يا ابْنَ عَمَّ، يا ابن أمَّ .. يا ابن أمِّ، ولذلك قرئ بهما في السبع. في: يا ابن أمَّ ويا ابن عمَّ، لماذا خُصَّ هذان اللفظان؟ نقول: لكثرة الاستعمال، أمَّا ما لا يكثر استعماله من نظائر ذلك نحو: يا أبن أخي، ويا ابن خالي، فالياء ثابتةٌ لا غير، ولذلك قال الناظم هنا: (فِي يَا ابْنَ أُمَّ) ولم يقل: في نحو كما سبق معنا مراراً:

فِي نَحْوِ سَعْدُ سَعْدَ الاَوسِ يَنْتَصِبْ ... ثَانٍ. . . . . . . . . .

قلنا (فِي نَحْوِ) إشارة إلى أن غيره يُقاس عليه مثله، وأمَّا هنا قال: (فِي يَا ابْنَ) حينئذٍ دَلَّ على أنه مقصورٌ على اللفظين المذكورين، وقوله: (يَا ابْنَ) هذا خاصٌ بالنداء، ولذلك قال الناظم: (فِي يَا ابْنَ أُمَّ) إلى آخره، ولم يقل: في نحو.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015