إذاً قوله: (صَحَّ) بأن يكون آخره حرفاً غير لين، يعني: غير حرف علة، أو آخره حرف علة لكنه يكون ساكن، يعني: ما قبله يكون ساكن، إذ شرط حروف العلة: أن يكون ما قبلها من جنس الحرف، إن كان واواً أن يكون مضموماً، إن كان ياءً أن يكون ما قبلها مكسوراً، والألف لا يكون ما قبلها إلا مفتوحاً، ولذلك هي حرف مدٍ ولين، وأمَّا الواو والياء فيفترقان، إن ضُمَّ ما قبل الواو فهي حرف علة .. إن سَكن حينئذٍ نقول: هذا حرف لين.
(صَحَّ) بأن آخره صحيحاً، يعني: ليس حرفاً من حروف العلة، أو كان آخره حرفاً من حروف العلة .. الواو أو الياء على التوسع، ولكن يكون ما قبلها ليس من جنسها، حينئذٍ نقول: هذه يجري مجرى الصحيح، مثل: دلوٍ وضبيٍ، (دلوٍ) هذا آخره واو، لكنه ليس معتلاً عند النحاة ولا عند الصرفيين، لأن شرط المعتل أن يكون ما قبله من جنس الحرف، يعني: حرَكَتُه دلوٌ .. ضبيٌ، إذاً: هذا يَجري مَجرى الصحيح. (صَحَّ) بأن يكون آخره حرفاً غير لين، أو ليناً قبله ساكن، لِين أو لَين يجوز فيهما الوجهان.
إذاً: المعتل آخره ليس فيه إلا لغةٌ واحدة، وهي ثبوت ياءه مفتوحة، نحو: يا فتايَّ .. يا قاضيَّ، قاضيَّ نقول: هذا أدغمت الياء في الياء، يا فتايَّ .. يا قاضيَّ ليس فيه إلا لغةٌ واحدة، فالمعتل في النداء كحاله في غير النداء، الحكم واحد قبل النداء وبعد النداء، هنا قال: (صَحَّ إِنْ يُضَفْ لِيَا) لِيَا أي ياء؟ ياء المُتَكلِّم، لأنه كما سبق لا يضاف إلا إليها، وهي اسمٌ، لذلك نقول: هي مُرَكَّب إضافي، يعني: المضاف والمضاف إليه: غلامي .. عبدي، نقول: هذا مُرَكَّب إضافي، ولا تركيب إلا بين اسمين، إذ لا تركيب في حرف، لا نقول: ذاك وذلك مُرَكَّب تركيب إضافي، لأن الكاف واللام حرفان، وأمَّا هنا غلامي، نقول: هذه الياء اسمٌ.
(إِنْ يُضَفْ لِيَا كَعَبْدِ) هنا المثال: كعبدِ قَيَّد قوله: (إِنْ يُضَفْ)؛ لأن إِنْ يُضَفْ .. يُضَف: هذا فعل، وهو مُنسبِك من مصدر، وقع في حَيِّز الشرط فيعم نوعي الإضافة: الإضافة المحضة، والإضافة اللفظية، لكن بقوله: (كَعَبْدِ) أخرج الإضافية اللفظية، إذ هذه الأوجه الخمسة المذكورة في الشطر الثاني لا تتأتى إلا في الإضافة المحضة، ولذلك قال: (عَبْدِ) هذا مثالٌ لأي شيء؟ للإضافة المحضة، عبدٌ لي: هذا الأصل.
إذاً: هذه الأوجه الخمسة الآتية فيما إضافته إضافةٌ محضة، حينئذٍ لا بُدَّ من تقييد قوله: (إِنْ يُضَفْ) لأن هذا عام .. صيغة عموم (إِنْ يُضَفْ) كل إضافة لفظية أو معنوية، وهذه الأوجه فيما إضافته إضافة محضة ليست لفظية، وهذا مشعرٌ به التمثيل .. أشعر بهذا، أمَّا الوصف المشبه للفعل، وهو الإضافة اللفظية فإن يائه ثابتةٌ لا غير لا تحذف: ضاربي مطلقاً، لكن في الياء وجهان: الفتح والإسكان، إذاً: الياء ثابتة لا غير، لا يجوز حذفها إذا نودي: يا ضاربي .. يا مكرمي .. نقول: الياء ثابتة لا غير، لا بُدَّ من إثباتها ولا يجوز حذفها، ثُمَّ فيها وجهان: الإسكان والفتح، فياؤه ثابتة لا غير، وهي إمَّا مفتوحة أو ساكنة، نحو: يا مكرمي .. مكرميَّ، ويا ضاربي.